
مهما كان ذلك مغريًا، لا يمكن اعتبار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة انتصارًا لـ”البقية“ على ”الإمبريالية الغربية“. نحن لسنا في عام 2003: نحن نعيش بالفعل في عالم متعدد الأقطاب، لكنه عالم يتمناه ترامب أو نتنياهو (وليس عالما يخشونه)
النظام العالمي امتعدد الأقطاب نظام تتفق فيه حفنة من الأنظمة غير الليبرالية الكبرى على منح نفسها حرية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في مناطق نفوذها. عهد ترامب هو حظ غير متوقع لهذا النظام العالمي.
هاجم ترامب ونتنياهو إيران، واثقين من أن الصين وروسيا لن تتدخلا. وبالمثل، تفلت إسرائيل من العقاب على ما اقترفت من إبادة جماعية في غزة، بتشجيع ليس فقط من الولايات المتحدة، بل أيضاً من الصين وروسيا، اللتين ليستا «محايدتين» فحسب، بل شريكتين لإسرائيل في التجارة وتكنولوجيات الاعتقال الجماعي والاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري.
فكروا في هذه الوقائع:
– عندما سُئل بوتين عن أسباب عدم مساعدة روسيا لإيران، أجاب بأن ذلك يرجع إلى أن "إسرائيل اليوم تكاد تكون بلدا ناطقا بالروسية".
– مركزة التفكير على مصالحها التجارية في الشرق الأوسط (بما في ذلك مع إسرائيل)، ظلت الصين حذرة ومحايدة إزاء الهجوم الإسرائيلي على إيران.
– لا تزال الصين المصدر الرئيسي لواردات إسرائيل، حتى أثناء الإبادة الجماعية في غزة. ليست هذه «دعاية إعلامية غربية»: فقد أعلن ذلك بفخر كل من وكالة الأنباء الصينية الرسمية شينخوا وبوابة «الحزام والطريق» الصينية.
– تنتج شركة Hikivision الصينية الكاميرات وتكنولوجيا التعرف على الوجوه المستخدمة في المراقبة الجماعية للمجتمع المسلم الأويغوري في شينجيانغ، باسم حماية الصين والعالم من الإرهابيين. وتصدر الشركة نفس التكنولوجيا إلى إسرائيل، حيث تُستخدم ضد قومية مسلمة أخرى – الفلسطينيين في الضفة الغربية – أيضًا باسم حماية إسرائيل والعالم من الإرهابيين.
هل تتذكرون برنامج بيغاسوس Pegasus الإسرائيلي، المستعمل للتجسس على منتقدي مودي في الهند؟ حسناً، تم استخدام برنامج Pegasus نفسه للتجسس سراً على الصحفيين وغيرهم من منتقدي بوتين – من روسيا وبيلاروسيا ولاتفيا وإستونيا وإسرائيل – في حين ترفض إسرائيل بيع برنامج Pegasus إلى حكومتي إستونيا وأوكرانيا – البلدان التي غزاها بوتين أو يخطط لغزوها. ”دعاية غربية“؟ حسناً، هذه الحقائق أوردتها منظمتا Access Now و Citizen Lab، وهما نفس المنظمات التي تحقق وتفضح استخدام بيجاسوس وتقنيات مراقبة أخرى ضد المتهمين والمحامين والعديد من الأشخاص الآخرين في بيم كوريغاون. لا يمكن الاستشهاد بهذه المنظمات عندما يتعلق الأمر بالهند ووصفها بأنها دعاة دعاية غربية عندما يتعلق الأمر بروسيا.
لا يمكننا التفكير في العالم من منظور المعسكرات والحروب الباردة وأحادية القطب مقابل التعددية القطبية. إذا أردنا دعم سكان غزة والفلسطينيين والمسلمين الهنود، فيجب علينا أيضًا دعم الإيرانيين والأويغور ضد أنظمتهم (وكان يجب علينا دعم السوريين ضد الأسد الذي كانت تدعمه روسيا، حتى لو لم يفعل الأسد وإسرائيل شيئًا ضد بعضهما البعض). إذا أردنا أن تقاتل إيران وتنتصر في حرب شنتها إسرائيل، ألا ينبغي لنا أن نريد أن تقاتل أوكرانيا وتنتصر في حرب شنتها روسيا؟
25 يونيو 2025