مجلة وموقع تحت مسؤولية المكتب التنفيذي للأممية الرابعة.

لنكسر الحصار المفروض على غزة

بقلم آيدن أوراز
© Photothèque Rouge / Martin Noda / Hans Lucas.

بلغت الحرب الإبادة الجماعية، التي تشنها الدولة الاستعمارية الصهيونية منذ ما يقرب من عامين، أبعاداً لا حد لها. نستشف من الأساطيل والإضراب في إيطاليا عملا من شأنه أن يغير ميزان القوى. يؤكد الهجوم على أسطول الصمود العالمي، وهو عمل قرصنة حقيقي من قبل دولة، مدى الإزعاج الذي يسببه التضامن الدولي، ولذلك يجب تكثيفه أكثر.

الهواء ثقيل كالرصاص، على حد قول ناظم حكمت واصفا ظروفاً خالية من الأمل. لكن الشاعر الشيوعي التركي سارع إلى إضافة ” تعالوا ! أدعوكم إلى إذابة الرصاص “... . لا تكف إسرائيل، بعد أن استفادت بشكل كبير من دعم العالم الغربي المالي والعسكري والمعنوي، عن شن حملة عنف مروعة مفجعة ضد سكان غزة. كما أكد الفيلسوف الراديكالي غونتر أندرس بشأن أوشفيتز وهيروشيما، إن جميع جهود الإبادة - بما في ذلك المجاعة المروعة المخطط لها - التي تبذلها الدولة الصهيونية تجاه قطاع غزة وشعبه تصبح ”متجاوزة الحدود“ بالنسبة لإدراكنا، أي أنها تتجاوز قدرات فهمنا... ووعينا.

من الرموز...

يتخذ السخط الذي أثارته الإبادة الجماعية أشكالاً متباينة على الصعيد الدولي في العامين الماضيين، وأثار بدوره قمعاً وحشياً. تحاول مجلة انبركورInprecor ،و مجمل الصحافة المرتبطة بالأممية الرابعة، عرض صورة عن جميع هذه الأعمال التضامنية. إن الاعتراف الرمزي من قبل دول مختلفة بدولة فلسطينية مفترضة، والتي تشبه في الظروف الحالية أطلال دولة، يفيد أساساً كذريعة لإخفاء تقاعسها في مواجهة الإبادة الجماعية. ولكن، بما أنه ناجم عن تحركات التضامن، فهو يعبر أيضاً عن تغير في ميزان القوى. واليوم، فإن أسطول صمود العالمي، وهدفه المتمثل في كسر الحصار على غزة، هو الذي يستحوذ على اهتمام الرأي العام المؤيد للفلسطينيين على الصعيد العالمي. شارك العديد من أعضاء الأممية الرابعة وأنصارها في الأسطول، الذي أصبح هدفاً لهجمات إسرائيلية حتى قبل انطلاقه.

... إلى العمل الجماهيري

ومع ذلك، يظل الإضراب العام الاستثنائي في إيطاليا، بين هذه الأشكال المختلفة للتضامن مع مقاومة الشعب الفلسطيني، هو القادر على « إذابة الرصاص ». إنه إضراب استثنائي من حيث حجمه والدينامية التي أطلقها. فلأول مرة منذ سنوات - ومنذ وصول الفاشيين الجدد إلى السلطة - قام عشرات الآلاف من الشغيلة، الذين انضم إليهم عدد كبير من الطلاب، بإغلاق الموانئ والطرق والمناطق الصناعية من نابولي إلى ميلانو، ومن جنوة إلى باليرمو. وإن لم يكن بالإمكان قول إن البلد قد شل عن آخره، فإن الامر يتعلق ببث اضطراب في قطاعات استراتيجية مثل اللوجستيات والنقل.

إن هذا الطابع متعدد الأجيال والمهن، والمنسق، والممتد إلى عشرات المدن، يشكل في حد ذاته، وإن كان في شكل أولي، قطيعة مع النظام القائم. وينطوي على إمكان إعادة بناء الوعي الطبقي الذي تُعدّ النزعة الأممية أحد عناصره الحاسمة. فالصراع الطبقي وأدواته الرئيسية، وهي الإضراب والعرقلة، يُستعمل لخدمة التضامن مع الشعب الفلسطيني. و هذا الزخم يفتح الباب أمام حركة قادرة على ربط القضية الفلسطينية بالنضالات الاجتماعية ضد الهشاشة والعسكرة والفاشية الجديدة، ما يمهد الطريق لإعادة تركيب سياسي للعمال والمضطهدين من أسفل.

ومع ذلك، ليست حالة الإضراب الإيطالي معزولة، إذا أخذنا في الاعتبار التحركات الجماهيرية والثورات الشعبية التي اجتاحت مختلف القارات في الأسابيع الأخيرة، من إندونيسيا إلى البرازيل، ومن فرنسا إلى نيبال ومدغشقر، والتي نحاول فهم آثارها وتحدياتها وصعوباتها. وعلى الأخص، نحاول إدراج التضامن الأممي الضروري بين الشعوب التي تناضل وتعاني، كما هو الحال في أوكرانيا أو السودان. لأننا، نحن الماركسيون الثوريون، ما زلنا مقتنعين بأن نشاط لجماهير  الذاتي يظل نقطة ارتكازنا الأساسية ومصدرنا الرئيسي للتعلم في المنظور الأممي لعالم متحرر من كل أشكال الاضطهاد.

30 سبتمبر 2025

     

المؤلف - Auteur·es

آيدن أوراز

ينتمي أورز أيدين إلى مئات أساتذة تجمُّع «أكاديميون من أجل السلام»، طُردوا من وظائفهم في عام 2016 بسبب التوقيع على عريضة ضد أعمال العنف التي ارتكبتها الدولة ضد الشعب الكردي. يشتغل اليوم مترجماً وصحفياً مستقلاً، بعد منعه من العودة إلى عمله في الجامعة. أيدن عضو اللجنة المركزية في حزب العمال التركي (TIP) والمكتب التنفيذي للأممية الرابعة.