مجلة وموقع تحت مسؤولية المكتب التنفيذي للأممية الرابعة.

نضال جماهيري في الهند ضد ثقافة الاغتصاب

جيلوم روا بقلم
Marche de masse pour mettre fin à la culture du viol. © Nilanjan Majumder

في الساعة 11.55 من مساء يوم 14 أغسطس 2024، كانت شوارع البنغال، المهجورة عادة في مثل هذه الساعة، مكتظة بالنساء الهنديات المطالبات بنصف السماء نصيبا لهن. مع اقتراب الذكرى الـسابعة والسبعين لاستقلال البلد، جعلن من هذه الليلة احتفالهن الخاص، مطالبات بوضع حد لثقافة الاغتصاب التي تقوض كل مفهوم للاستقلال.

احتلت النساء كل زاوية وركن تقريبًا: العاملات من مختلف القطاعات اللائي يواجهن التحرش الجنسي في أماكن العمل؛ والطالبات في المدارس والكليات والجامعات اللائي يضطررن إلى النضال من أجل إثبات وجودهن في كل سنتمتر من حرمهن الجامعي؛ والنساء اللائي تعيقهن الأعمال المنزلية اليومية؛ والطبيبات والممرضات والمعلمات وعاملات المنازل اللائي خرجن جميعا إلى الشوارع احتجاجا.

قبل ذلك بخمس ليال، تعرضت طبيبة متدربة للاغتصاب والقتل في غرفة اجتماعات أثناء مناوبتها الليلية. قيل لوالديها أنها ”انتحرت“، واضطرا للانتظار ثلاث ساعات قبل السماح لهم بدخول الغرفة.

وانتشرت شائعات حول صحتها النفسية. حتى أن مدير كلية الطب RG-Kar أدلى بملاحظة يندى لها الجبين، متسائلاً عما كانت تفعل هذه الفتاة الصغيرة في هذا الوقت المتأخرفي غرفة الاجتماعات. وكان تقرير تشريح الجثة قد كشف بالفعل أنها تعرضت للاغتصاب قبل خنقها.

أثارت تعليقات المدير موجة سخط. وانتشرت الدعوة إلى مظاهرة ”هيا نستعيد الليل“، عشية عيد استقلال الهند، كالنار في الهشيم، ما أدى إلى حركة واسعة في البلد على نطاق لم يشهده منذ عقد من الزمن. في ولاية البنغال الغربية وحدها، تم تنظيم حوالي 250 موقعا احتجاجيا في المدن ومقرات المقاطعات والقرى، حيث تحدَّت النساء ومجتمع الميم-عين حظر التجول للخروج إلى الشوارع والمطالبة بالعدالة.

 

أثبتت ليلة 14 أغسطس أنها ليلة تاريخية

لم تكن هذه أول مرة تُنظَّم فيها حملة” هيا نستعيد الليل“ احتجاجا على التحرش الجنسي في البلد. كما ليست أول مرة تتظاهر فيها النساء الهنديات الغاضبات بشكل جماعي وتضامني للمطالبة بالعدالة ضد الاغتصاب والتحرش الجنسي.

كما أنها لم تكن أول مرة تُرتكب فيها مثل هذه الجريمة الوحشية في الهند. في هند اليوم، حيث تحافظ السلطات على ثقافة الاغتصاب، نظاما بعد نظام، ليس ما حدث في آر جي كار استثناء. في هند اليوم، التي يحكمها نظام يميني فاشي يجاهر حكامه بمعاداة النساء، ويستخدمون الاغتصاب سلاحا سياسيا لقمع المعارضة وإسكات النساء، أصبحت هذه الجريمة والإنكار الخطير للعدالة الذي ترتكبه السلطات هو القاعدة.

ولكن ما كان تاريخيا في هذه المظاهرة هو تدفق النساء العفوي. ففي أنحاء مختلفة من غرب البنغال، نظمت النساء مظاهرات "للمطالبة بالليل"، وللمطالبة بالعدالة للضحايا، وبوسائل نقل عام آمنة للنساء، ومراحيض عامة، وللمطالبة بإنشاء لجنة شكاوى داخلية تعمل في كل مكان عمل، وللمطالبة بحقوق العمل الأساسية للنساء في القطاعات المنظمة وغير المنظمة.

كانت هذه أول مظاهرة للعديد من هؤلاء النساء، و أول ليلة تحت النجوم للعديد منهن. وأول مرة يرفع العديد منهن شعارات.

 

كرنفال المقاومة

كانت هذه أيضا أول تجربة للكثير منهن في التنظيم السياسي. شاركت العاملات غير النظاميات اللائي يعملن في وظائف غير مستقرة تجارب معاناتهن من المضايقات في العمل. تحدثت الممرضات من المستشفيات الخاصة والعامة عن نقص بنيات تحتية تتيح القيام بواجباتهن بأمان في الليل. وتحدثت فنانات مسرحيات عما يتعرضن له من مضايقات.

وسافرت النساء ومجتمع الميم-عين لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات للوصول إلى مواقع المظاهرات. ومع تبين انعدام وسائل النقل العام، شكلن مجموعات لتنظيم السفر والقدوم معا.

شاركت النساء من الأحياء الفقيرة المجاورة تجارب معاناتهن من التحرش والعنف في المنزل أو في العمل. جاءت الأمهات مع بناتهن. وجاءت الأخوات معا. في التجمعات، كان الأصدقاء القدامى يجتمعون معا. كان كرنفال مقاومة حقيقيا.

فتح الناس أبوابهم طوال الليل للسماح للمتظاهرات باستخدام مراحيضهم. أبقت تعاونيات الأسواق المحلية مبانيها مفتوحة أمام النساء. تفاوضت طالبات من الجامعات الحكومية القريبة مع سلطاتها لإبقاء أبواب الحرم الجامعي ونزل النساء مفتوحة. غادرت بعض النساء منازلهن دون مرافقة الرجال ليلا، مصممات على المطالبة بأماكنهن العامة وتنظيم المظاهرات في أحيائهن.

 

أزادي

رفعت النساء عقيرتهن بصرخة أزادي" ("الحرية“)، مطالبات بالتحرر من الاغتصاب، والعنف المنزلي، والتحرش في العمل، والمراقبة الأخلاقية، وعناء الأعمال المنزلية، والميز في الأجور، والملاحظات المتعالية من الآباء والإخوة، والنظام الرأسمالي الأبوي البراهماني. لوحت النساء بالراية الحمراء عاليا، بينما لوح أفراد مجتمع الميم-عين بأعلام قوس قزح.

وحملت النساء صور الثوريين، مستذكرات إرث المقاومة النسائية. ورفرف علم أحمر ضخم، مزين بصورة الشهيدة الثورية الهندية بريتيلاتا وادادار Pritilata Waddedar ،عاليا، تراقب أولئك الذين يعتبرون أنفسهم رفاقها1.

كانت هناك ملصقات صنعتها أيادٍ غير متمرسة، وشعارات رددها من اللاتي جرى تكييفهن على عدم رفع أصواتهن أبدا. كانت هناك أغان وعروض ومشاركة للتجارب، حيث أمضت النساء الليل تحت السماء يتحدثن ويصرخن ويستمعن لبعضهن البعض ويتكئن على بعضهن البعض.

ولكن، مع مرور الليل، بدأت الأخبار تتوالى عن هجوم على الأطباء المضربين في مستشفى RG-Kar . فقد دخلت مجموعة من البلطجية إلى مقر الاعتصام، وفككت الموقع وضربت الأطباء المعتصمين محاولة تدمير مسرح الجريمة. كان جليا أن نيتهم كانت تزوير الأدلة وتهديد المعتصمين. في هذه الأثناء، صدرت الأوامر لرجال الشرطة بالتغاضي عن ذلك.

ما بدأ مظاهرةً تحول إلى حركة حقيقية، جمعت الناس الذين كانوا في السابق غير مبالين بسفك الدماء في الشوارع. أدركت هذه الحركة أن كرامة المرأة وسلامتها مرتبطة بالحق في نظام صحي عام يهتم بالمواطنين/ات العاديين/ات. إلا أن هذا النظام ينهار تحت وطأة الفساد، بل ويعرض حياة المرضى للخطر.

 

ثقافة الإفلات من العقاب والخصخصة والدولة النيوليبرالية

إن الإفلات من العقاب، والرسالة التي بعثها استعراض القوة الهائل الذي استُخدم لتخريب موقع مظاهرة ”آر جي كار“، قد أطلقا عنان غضب كان يغلي في البلد منذ عقد. فقد شهدنا نحن الطالبات وقت وقوع قضية الاغتصاب في دلهي في عام 2012 - عندما توفيت شابة من الطبقة المتوسطة متأثرة بجراحها، تعرضت للاغتصاب الوحشي والتعذيب على يد عدة رجال - آلاف الطالبات ونساء الطبقة المتوسطة اللاتي خرجن إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة.

أثارت المظاهرات آنذاك نقاشات ساخنة حول العنف القائم على الميز الجنسي. وفي وقت لاحق، أفادت لجنة قضائية أن البنية التحتية غير الملائمة، والتقصير من جانب الحكومة والشرطة، كانت الأسباب الجذرية للجرائم ضد المرأة. أدى هذا الاحتجاج إلى تغيير قوانين الاغتصاب في الهند. ولكن بعد مرور عشر سنوات، وبينما نخرج إلى الشوارع مرة أخرى، ما زلنا نواجه ثقافة الإفلات من العقاب.

لقد قامت جميع الأحزاب السياسية تقريبا - من اليسار البرلماني إلى الوسط إلى اليمين - مرارا وتكرارا بحماية المغتصبين، ورعاية ثقافة الاغتصاب لتعزيز قبضتهم الانتخابية. أدى صعود الفاشية الهندوسية (الهندوتفا) إلى انفجار العنف الفظيع القائم على النوع الاجتماعي. وغالبا ما استُخدم الاغتصاب سلاحا سياسيا لقمع المظاهرات وتأكيد التسلط على الأقليات.

أرست ثقافة الإفلات من العقاب هذه، التي تمت تغذيتها من خلال حماية المغتصبين وتزوير الأدلة واستخدام أجهزة الدولة علانية لحمايتهم، سوابق يمكن لأي حزب حاكم أن يتبعها. ولذلك لم يكن من المستغرب أن يستخدم الحزب الحاكم في ولاية البنغال الغربية جميع وسائله للتغطية على مرتكبي جريمة آر جي كار. ومع ذلك، فقد أجج هذه المرة غضب السكان الذين بدا أنهم ضاقوا ذرعا بما فيه الكفاية.

 

من الجريمة إلى الاحتجاج

ربما تكون جريمة الاغتصاب والقتل في آر جي كار قد أثارت هكذا غضب لأن الضحية كانت طبيبة، وهي امرأة تعمل في وظيفة ”شريفة“ من ذوي الياقات البيضاء، وقد تم الاعتداء عليها أثناء مناوبتها في مستشفى عام. وهذا يعني أن النساء لسن في أمان بأي مكان. كما أنه كشف عن عدم المساواة في أماكن العمل لدينا، والتي صممت لتقويض النساء العاملات وأفراد مجتمع الميم-عين. توافدت النساء العاملات من القطاعات المنظمة وغير المنظمة على حد سواء إلى المسيرات.

ونظمت التجمعات عاملات الأنغانوادي (المركز الصحي الريفي)، وعاملات المقاصف، والعاملات في مجال صحة الطفل(ICDS)، والعاملات المنزليات، وعاملات تكنولوجيا المعلومات، والعاملات غير المستقرات. كما امتدت المطالبة بالعدالة والكرامة إلى مكان العمل. فقد طالبن بمساءلة أصحاب العمل عن ضمان سلامة النساء وأفراد مجتمع الميم-عين في مكان العمل، ومن أجل تعيين أشخاص مهمتهم على وجه التحديد هي مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وفي حين أن مثل هذا الغضب كان غائبا في حالات سابقة من العنف القائم على النوع الاجتماعي - عندما كانت الدولة تستخدم الاغتصاب كأحد أسلحة قمع الحركات في المناطق النائية، وعندما كان العنف القائم على النوع الاجتماعي يُستخدم لتكريس الفظائع الطبقية أو لتكثيف الاحتلال - فإن الاحتجاجات التي رافقت الهجوم على ر.ج.كار أتاحت فرصا للنقاش حول الآثار المترتبة على كل هذا الصمت.

 

الحالة المزرية لنظام الرعاية الصحية

أطلقت حركة ”هيا نستعيد الليل“ نقاشا حول العدالة بين الجنسين، منددة بفشل الآليات المؤسسية في ضمان سلامة النساء وكرامتهن في أماكن العمل والأماكن العامة. كما عززت هذه المعركة ضد الإفلات من العقاب صوت المهنيين/ات الصحيين/ات، الذين/اللواتي أعربوا/ن عن مخاوفهم/ن بشأن الفساد الذي ينخر المستشفيات العامة.

بدأت الشهادات تتدفق من مختلف المستشفيات العامة ، كاشفة عن نظام أوسع نطاقا مصمما لجعل الرعاية الصحية غير متاحة للأشخاص المهمشين. عرت هذه القصص هشاشة النظام الصحي في ظل وجود عاملين/ت مرهقين/ت ومختنقين/ات، نظام مختل تعمدت جماعات الضغط تخريبه حتى تدفعه نحو الخصخصة.

لقد انكشفت حالة نظام الصحة العامة الهندي المزرية أثناء الجائحة. أثارت هاته الأخيرة مناقشات حول سياسات التكيف الهيكلي التي فُرضت كشروط للقروض المصرفية، بناء على طلب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الثمانينيات. وقد مهد ذلك الطريق للخصخصة، ما أدى إلى إعفاء الدولة من دورها كضامن ومقدم رئيسي للخدمات الصحية.

كشفت حادثة اغتصاب طبيبة مقيمة في مستشفى عام، وقتلها، عن لامبالاة الدولة بالعاملين/ات في مجال الصحة العامة. ومن المتوقع أن يضاعفوا جهودهم في مواجهة الانهيار السريع للنظام. كما أشعلت جريمة القتل شرارة حركة واسعة يقودها أطباء شباب من كليات الطب البنغالية البالغ عددها 22 كلية طب للمطالبة بنظام صحي عام أفضل وأكثر أمانا.

دعا الأطباء والطبيبات المحتجون/ات إلى إضراب لأجل غير مسمى ونظموا/ن اعتصاما أمام وزارة الصحة. بينما حاولت الحكومة إخماد النيران بوعد ضمان السلامة في المستشفيات العامة من خلال نشر قوات الأمن في مباني المستشفيات، رفض المحتجون/ات هذه الفكرة وردوا بأن سلامتهم غير مضمونة إلا بإضفاء طابع ديمقراطي على أماكن العمل، وإنشاء البنى التحتية لوضع حد للفساد والمساعدة في إعادة بناء النظام المتدهور.

وجدت مطالب الحركة صدى خاصا في أوساط الطبقات الوسطى والعاملة، المستفيد الأول من نظام الصحة العامة. فقد تحملت هذه الطبقات العبء الأكبر من تكاليف خصخصة القطاع الصحي.

بذلت الأحزاب السياسية المعارضة كل ما في وسعها لاقتياد الحركة وفق أغراض انتخابية، ولكن تم رفضها من قبل جماهير المحتجين/ات الغفيرة الذين/اللواتي أدركوا/ن الآن أن جميع الأحزاب السياسية البرلمانية تقريبا تعمل على الحفاظ على الوضع الراهن. اضطرت الحكومة، في مواجهة الغضب الشعبي العارم، إلى نقل مفوض الشرطة الذي غض الطرف وسهل عملية تزوير الأدلة في قضية ر.غ.كار.

علّق الأطباء والطبيبات المحتجون/ات إضرابهم، لكنهم/ن اضطروا/رن  إلى الإضراب عن الطعام عندما رفضت الحكومة الاستجابة لمطالبهم/هن الأخرى. مع ذلك، وبعد اجتماع مع رئيس حكومة الولاية الذي وعد بدراسة مطالبهم، تم إلغاء الإضراب.

 

حكم قضائي والمعركة مستمرة...

حكمت المحكمة على مساعد متطوع في شرطة كلكوتا بالسجن مدى الحياة بتهمة الاغتصاب الوحشي وقتل طبيبة مقيمة، عمرها 31 عاما، في كلية ومستشفى آر جي كار الطبي. أثار الحكم مزيدا من الاحتجاجات، حيث بدا أن المحاكمة تغاضت عن تواطؤ الدولة في حماية القاتل وتبرئة سلطات المستشفى من مسؤوليتها في الحفاظ على كرامة موظفيها وسلامتهم.

بينما تستعد البنغال لخوض معركة جديدة للطعن في عيوب الحكم، تطالب الدولة بإنزال عقوبة الإعدام بالجاني. ومع ذلك، فإن الحزب الحاكم هو من قام بحماية المتهم في المقام الأول وهو معروف بتواطئه مع المنظمات الإجرامية المتورطة في قضايا فساد مختلفة.

من الملاحظ أن الدعوة إلى عقوبة الإعدام لم تأت من حركة الأطباء الشباب أو من الحركات الاحتجاجية الليلية. فلطالما وقفت حركة النضال من أجل العدالة بين الجنسين في الهند تاريخيا ضد عقوبة الإعدام، ونددت بها باعتبارها أداة قمع من أدوات الدولة التي تمنحها احتكار العنف. تسعى الدولة إلى التخلص من فرد بينما تتنصل من مسؤوليتها في إحداث تغيير للنظام.

جاء هذا الحكم أيام فقط بعد وفاة امرأة حامل من الأديفاسي (أحد أفراد الشعوب الأصلية) في مستشفى عام آخر في إحدى بلدات المقاطعة في البنغال.

توفيت بعد تلقيها محلولا ملحيا ساما محظورا في ولايات أخرى. ومع ذلك، تواصل المستشفيات العامة في البنغال، بضغط من إحدى شركات الأدوية، استخدام هذا المحلول، دون مراعاة حياة النساء المهمشات. ومرة أخرى، سلطت وفاتها الضوء على عيوب نظام الصحة العامة، حيث لا تبدي الدولة ورأس المال اهتماما كبيرا بحياة النساء والمهمشين.

 

دور حركة نسوية جماهيرية

وإنه لذو دلالة أن الحركة النسوية في الهند ضد التحرش الجنسي في العمل بدأت مع اغتصاب عدد من الرجال لعاملة اجتماعية كانت تشرف على برنامج توعية حكومي في قريتها ضد زواج الأطفال.

وفي أوائل التسعينيات، ناضلت هذه الحركة من أجل تحميل الدولة المسؤولية بصفتها رب عمل. وتمكنت من التأكيد قانونيا على أن التحيز الجنسي والتحرش الجنسي في مكان العمل يخلقان بيئة عمل عدائية. من واجب أرباب العمل ضمان سلامة وكرامة العاملين/ات لديهم.

لا تزال أماكن العمل لدينا، بعد مضي ثلاثين عاما، مصممة لجعل النساء وأفراد مجتمع الميم-عين، المفترض أن يكون عملهم رخيصا، في وضع هش. علاوة على ذلك، فإن نسبة النساء العاملات في القطاع الرسمي آخذة في الانخفاض مع زيادة نزع الضبط عن عمل النساء.

في القطاع غير الرسمي، لا يلتزم أرباب العمل بضمان ظروف عمل آمنة، أو الامتثال للتشريعات التي تحمي حقوق العمال. في الواقع، يمكن القول إن الكفاح من أجل الكرامة في العمل لا يتعلق فقط بتأكيد هوية المرأة كعاملة، بل يتعلق أيضا بتثمين العمل نفسه.

في الوقت الذي تسمح فيه السياسات النيوليبرالية للدولة بفك ارتباطها بالخدمات العامة، وإذ تتم إعادة كتابة قوانين العمل لتجريم العمل النقابي وتمديد ساعات العمل من أجل تعظيم أرصدة أرباب العمل، وفي الوقت الذي يشجع فيه إغلاقُ المصانع وخصخصةُ الخدمات العامة على تفكيك ونزع الضبط عن العمل، وفي الوقت الذي تقوم فيه الدولة الفاشية بتطبيع العنف كل يوم، من المرجح أن تكون المعركة من أجل الخبز والورود معركة طويلة. إنها معركة ستتطلب من العمال/ات في الحقول والمصانع، في المنازل والمستشفيات، في المدارس والشوارع أن ينظموا/ن أنفسهم/ن ويطالبوا/ن بكل شبر مربع من المساحة الآمنة، كل ليلة وكل يوم.

 

مارس 2025

نشر المقال من في: Against the Current ضد التيار، على الرابط

  • 1

    قادت بريتيلاتا وديدار Pritilata Waddedar (1911-1932)، وهي عضو في الجيش الجمهوري الهندي، هجوما مسلحا على ناد أوروبي مع خمسة عشر شخصا آخر. أصيبت في ساقها، وسممت نفسها بالسيانيد لتجنب القبض عليها من قبل الشرطة الاستعمارية. وتحسبا لاحتمالية موتها، حملت رسالة في جيبها ”إنكيلاب زندباد“ (تحيا الثورة)، والتي ألهمت نساء أخريات منذ ذلك الحين. كانت بريتيلاتا أول شهيدة في البنغال وتعتبر أيقونة ثورية.

المؤلف - Auteur·es

جيلوم روا

جيلوم روي طالبة دكتوراه في جامعة جادافبور وعضو في المجموعة النسوية "النسوية المقاومة" في كلكتا.