أُعيد انتخاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رسميًا في 7 شتنبر لولاية ثانية بـ...نسبة 94.65% من الأصوات. حاولت السلطات الانتخابية إخفاء نسبة مشاركة منخفضة تاريخيًا، لكن أزمة النظام الشرعية واضحة.
أعلن الرئيس عبد المجيد تبون، في بيان صدر يوم الخميس 21 مارس/ أذار 2024، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 7 شتنبر/ أيلول 2024. ، قدمت وكالة الأنباء الجزائرية (وكالة الأنباء الجزائرية - وكالة الأنباء الرسمية، ملاحظة الكاتب) أمام الارتباك الذي أحاط بالطبيعة المبكرة لهذه الانتخابات واختيار الموعد، تفسيرات مرتبطة بـ"الجغرافيا السياسية" و"التهديدات الخارجية". بعد أيام قليلة، اختزل عبد المجيد تبون الأمر في اعتبارات "تقنية" دون إعطاء أي تفاصيل أخرى أو تفسيرات سياسية. اعتبر العديد من المراقبين والفاعلين السياسيين أن اختيار موعد بدء جمع التزكيات والحملة الانتخابية في ذروة موجة الحرارة، محاولة متعمدة لإغلاق اللعبة السياسية بمناسبة الانتخابات.
اختارت الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات، بعد نهاية حملة جمع التزكيات، ثلاثة مرشحين فقط للانتخابات الرئاسية في 7 شتنبر/أيلول. يتعلق الأمر بالرئيس الحالي عبد المجيد تبون ويوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية ورشيد حساني عن حركة مجتمع السلم، بعد أن تخلص هذا الأخير من معلمه عبد الرزاق مقري. يتوافق هؤلاء المرشحون الثلاثة مع "الاتجاهات" السياسية الرئيسية الثلاثة في الجزائر. وشكلت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، الاستثناء خلال حملة التزكية. فقد فهمت الأسباب التي دفعت الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات إلى منعها من الترشح، وقررت الانسحاب من السباق. وكان ذلك نذيرًا بانتخابات لن تكون "كاثوليكية."
حملة "دون رهانات" في نظر الجماهير
كانت الحملة الانتخابية في نظر الجماهير حملة باهتة دون رهانات. وللاستجابة لتطلعات هذه الاخيرة، كانت هناك حاجة إلى حملة سياسية حقيقية ضد الاستبداد السائد والأزمة الاجتماعية التي تؤثر على قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري. لم تكن الحملة في حد ذاتها لتُغير موازين القوى بشكل جذري، لكنها كانت ستكون مفيدة جدًا للنضالات المنظمة مستقبلا.
خلال الحملة، أظهرت النقابات العمالية والجمعيات والمنظمات الجماهيرية والأئمة دعمهم العلني للرئيس المنتهية ولايته، رغم أن القانون يحظر هذا النوع من الممارسات. لكن الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات غضت الطرف عن هذه التجاوزات المرفوضة. حتى المرشحان الآخران لم ينددا علنًا بهذه التجاوزات خلال تجمعاتهما وظهورهما في وسائل الإعلام الرئيسة. اتسمت هذه الحملة أيضًا بدورة من الاعتقالات التي طالت العديد من الفاعلين السياسيين والسيناريوهات القائمة على نظرية المؤامرة. لم تحقق استراتيجية السلطات السياسية، من خلال اللعب على وتر "الخوف" ، لزيادة نسبة المشاركة في الانتخابات، الأهداف المرجوة. بل بالمقابل، لم تؤدِّ سوى إلى تعزيز معسكر الامتناع عن التصويت.
نسبة إقبال لا تتوافق مع الواقع
تكشف مقارنة بسيطة للمعلومات أن أرقام نسبة المشاركة التي أعلنتها الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات يوم الاقتراع لا تتوافق مع الواقع. كما أنها لا تتوافق أيضًا إذا قارنا النسب مع تلك الخاصة بالانتخابات الرئاسية في 12 دجنبر/ كانون الأول 2019، حيث لا تصمد نتائج الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات أمام المنطق العلمي الأساسي. في الواقع، في انتخابات 7 شتنبر/ أيلول 2024، بلغت نسبة المشاركة في الساعة الخامسة مساءً 26.45%. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 في الوقت نفسه 33%. انخفضت نسبة المشاركة في عام 2024 بسبع نقاط مقارنة بانتخابات عام 2019، العام الذي اتسم بمقاطعة نشطة للغاية ونزول ملايين الأشخاص إلى الشوارع.
تضاعفت نسبة المشاركة في انتخابات 7 شتنبر/ أيلول التي أعلنت عنها الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات في الساعة الخامسة مساءً خلال أربع ساعات، كأننا نشهد هبّة شعبية كبيرة تحشد أكثر من مليوني ناخب. في يوم الاقتراع، أعلن رئيس الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات، ما أسماه "متوسط نسبة المشاركة"، والتي قدرت بـ 48.03%... مفهوم " جديد" غير مألوف لدى الإحصائيين والمتخصصين في الانتخابات. " توخى "محمد شرفي"، رئيس الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات، ربما حرصاً منه على إخفاء حجم السخط الشعبي، بعض الحرية في الشفافية أثناء إعلانه عن "متوسط نسبة المشاركة" التي بلغت 48.03%، استناداً إلى نسب المشاركة في الولايات مقسومة على عددها، 58. في الواقع، ستكون على الأرجح نسبة المشاركة أقل من 25% إذا ما ربطنا عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها، 5,630,196، بعدد 24,351,551 المسجلين/ات في القوائم (عدد أوراق الاقتراع الباطلة أو الفارغة التي لم يتم تقديمها)"، كما أكدت إحدى الجرائد اليومية الأجنبية(1).
"هدية مسمومة"
وقّع مديرو الحملات الانتخابية للمرشحين الثلاثة في اليوم التالي لإعلان النتائج على بيان صحفي تنديدي ويشككون في الأرقام التي وصفها رئيس الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات الرئاسية بـ"المؤقتة". هذه هي المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية التي يشكك فيها الفائز في أرقام فوزه في الانتخابات. ولكنه لم يقدم طعنًا لدى المحكمة الدستورية. وهذا ما يجعلنا نستنتج بأننا أمام "هدية مسمومة"، كما أشار عثمان لحياني، الصحفي السابق في يومية الخبر.
إن التفسير السياسي ومعنى الطعن في النتائج من طرف المترشحين الثلاثة، بوجه خاص من طرف "المرشح الفائز"، خلال هذه الإجراءات الانتخابية، لا يمكن أن تكون له سوى عواقب وخيمة على الشخصية الأولى في البلاد مستقبلا. الأكيد أنها ستضعف موقفه وتزيد من عزلته السياسية داخل سلطة الدولة، أو حتى تقلل من هامش المناورة أمامه في المستقبل. كما أنها تشير إلى أن النظام أو الرئيس المستقبلي لم يتمكن من تجديد قاعدته الاجتماعية وتكريس هيمنته السياسية على المجتمع، خاصة وأنه يتباهى بتحقيقه قفزات نوعية في جميع القطاعات. وتُظهر الأرقام التي أعلنتها الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات أن عبد المجيد تبون لم يحقق خلال خمس سنوات من حكمه سوى 357.740 صوتًا. لذا، فإن الأزمة التي يعيشها النظام السياسي في الجزائر، والتي ازدادت حدتها في العام 2019، من المرجح أن تستمر على المدى القصير والمتوسط، مع ما يترتب على ذلك من عواقب لا يمكننا التنبؤ بها في الوقت الحاضر.
* سمير لعربي: طالب دكتوراه في علم الاجتماع وصحفي وعضو سابق في حزب العمال الاشتراكي الذي منعته الحكومة منذ العام 2022.
1) " في الجزائر، النتائج المتنازع عليها والامتناع القياسي عن التصويت يقوضان إعادة انتخاب عبد المجيد تبون”، حميد نصري، 10 شتنبر/ ايلول 2024، لوموند.
https://www.lemonde.fr/afrique/article/2024/09/10/en-algerie-des-result…