تضم منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا (إش.د.أم DSA) اليوم أكثر من 80 الف عضو، التحق الكثير منهم بعد انتخاب ترامب للمرة الثانية وفوز زهران مامداني في انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية لرئاسة بلدية نيويورك. يروي بول لو بلان تفاصيل المؤتمر الذي عُقد في الفترة من 8 إلى 10 أغسطس 2025 في شيكاغو.
بحسب مشارك بصفة ملاحظ (ستيفان كيميرل، مندوب سياتل)، " تغلي حاليًا موجة من الراديكالية بكل مكان في الولايات المتحدة، إنها ظاهرة تعبر عن تصاعد المقاومة ضد ترامب، والإبادة الجماعية في فلسطين، ودورة جديدة من الحملات الانتخابية الاشتراكية. ويجد يسار هذه الحركات تعبيرًا منظمًا في منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا (إش.د.أم DSA).وتدل كل المؤشرات على أن منظمة إش.د.أم سائرة إلى اكتساب زخم جديد وربما تتجاوز 100 ألف عضو في الأشهر المقبلة."(1)
من المهم أن نفهم جيدًا أن 100 ألف عضو هو عدد الأعضاء على الورق، وليس عدد الأعضاء النشطين. يوضح القائم في مسقط رأسي، بيتسبرغ، هذه الحقيقة جيدًا. ففي بيتسبرغ، تراوح عدد الأعضاء الرسميين عند 700 عضو. من بينهم، ما بين 400 و500 عضو هم أعضاء ”في وضع سوي“ (دفعوا اشتراكاتهم). ومن بين هؤلاء الأشخاص، يمكن اعتبار زهاء 10٪ منهم نشطين، بمعنى أنهم يحضرون الاجتماعات الشهرية المخصصة للأعضاء (حضورية أو عبر إنترنت) أو يشاركون في مجموعة عمل. عندما بدأتُ أرتاد الاجتماعات الشهرية الحضورية، كنت أرى عادة ما بين 50 و 80 مشاركًا في كل اجتماع.
يعني هذا، على صعيد وطني، أن إجمالي عدد الأعضاء النشطين في منظمة إش.د.أم يتراوح بين 8000 و10000 عضو، وهو ما يظل يمثل قوة كبيرة، ويجعل منظمة إش.د.أم بالتأكيد أكبر مجموعة يسارية في الولايات المتحدة اليوم.
يتمثل مصدر لا يقدر بثمن لمن يسعون إلى فهم سياسة منظمة إش.د.أم في كتاب جديد حرره ستيفان كيميرل، فيليب لوكر وبراندون مادسن، A User’s Guide to DSA : 5 Debates That Define the Democratic Socialists (2).
المشاركون/ت في المؤتمر
هيئة القرار العليا لـمنظمة إش.د.أم هي مؤتمر المندوبين/ت الوطني، الذي يعقد كل سنتين، بعد عدة أشهر من المناقشات الكتابية والشفوية. وتنتخب المؤتمرات قيادة وطنية، وتتخذ قرارات بشأن الهيكل التنظيمي والسياسة والحملات الانتخابية، وما إلى ذلك. المؤتمرات دقيقة التنظيم، وثقيلة (قد يقول البعض مفرطة الثقل) من حيث الإجراءات، ولكنها ديمقراطية نسبيًا.
شارك في المؤتمر الوطني لعام 2025 في شيكاغو (من 8 إلى 10 أغسطس)، زهاء 1500 شخص، معظمهم أعضاء في منظمة إش.د.أم، والغالبية العظمى منهم مندوبون منتخبون. إذا نظرنا إلى عدد الأشخاص الذين صوتوا على مختلف القرارات والمقترحات المقدمة إلى المؤتمر، نجده متراوحا عمومًا بين 1100 و 1200، وكان الحد الأقصى الذي سجلته هو 1229، ما يرفع عدد الملاحظين/ت الرسميين/ت (مثلي) والضيوف إلى حوالي 271.
كانت ثمة غالبية عظمى من الشباب: بعض المراهقين/ت، ولكن بوجه خاص أشخاص في العشرينات والثلاثينات والأربعينات من العمر. كان عدد الأشخاص في الخمسينات والستينات أقل نسبيًا، مع وجود عدد قليل فقط من الأشخاص في الفئة العمرية 70-80 عامًا.
إذا كان ممكنا تصنيف غالبية الحاضرين على أنهم ”بيض“، كان ثمة عدد كبير من الأشخاص من أصل إسباني وأفريقي وجنوب آسيوي وشرق آسيوي وشرق أوسطي. بدت لي نسبة النساء إلى الرجال متوازنة إلى حد ما، مع وجود نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم متحولون جنسياً وغير ثنائيي الجنس. وما لفت انتباهي بشكل خاص هو أن السواد الأعظم من الحاضرين بدوا يعتبرون أنفسهم جزءاً من طبقة عاملة متنوعة من الناحية المهنية. بدا أن هذا التعريف الطبقي كان في صميم المناقشات في المؤتمر.
وقد تجلى ذلك في حقيقة أن الموضوعات التي تتكرر كثيرًا في مؤتمرات اليسار (تحليل الهويات، الإلغائية الحديثة، العنصرية ومناهضة العنصرية، النسوية، حقوق المثليين، شرح النظريات، الأزمة البيئية، إلخ) لم تكن محور المناقشات. كانت بعض هذه القضايا في الواقع مدمجة بالفعل في وجهات نظر المشاركين، لكن مفردات وتوجهات مناقشاتهم ركزت على التطبيق السياسي الملموس لماركسية موجهة نحو الطبقة العاملة وتهدف إلى ابدال الرأسمالية بالاشتراكية أو الشيوعية.
التوجهات السياسية في المؤتمر وفي منظمة إش.د.أم
يبدو أن معظم المشاركين/ت كانوا مناضلين/ت جادين/ت، حيث بقيت الغالبية العظمى منهم حاضرة في جلسات عرض مختلف القرارات ومناقشتها والتصويت عليها. وكان هناك عدد هائل من التعديلات المقترحة (بعضها تم اعتماده، والبعض الآخر أُسقِط)، ومقترحات إجرائية، وتذكيرات بالنظام، وطعون في قرارات الرئيس، وما إلى ذلك. ما جعل جزءًا كبيرًا من المؤتمر تجربة شاقة إلى حد ما. لكن بدا أن معظم الرفاق/ت صمدوا وتمكنوا من التصويت عن علم عندما حان الوقت.
على الرغم من أنني أميل إلى عدم الثقة في مختلف المجموعات الداخلية - التي كنت أعتبرها في البداية طفيلية ومصطنعة وغير مفيدة - دفعتني مشاركتي في المؤتمر إلى اعتبارها الآن مكونًا طبيعيًا نسبيًا للمنظمة، يساهم في تعزيز ثقافة ديمقراطية داخلية ويفيد في تطورها. وعلى الرغم من وجود اتجاه في البداية لتجميع التيارات المختلفة (3) في كتلة يسارية وأخرى يمينية، يشير الوضع الفعلي إلى وجود ثلاثة كتل، مع أن هذا الأمر لا يزال قابلاً للتطور وأن الواقع على الأرض يمنع اختزال المنظمة في ترسيمات مبسطة. ولكن دعونا أولا نحدد هذه الكتل الثلاث (4).
1. جناح معتدل يركز على العمل الجماهيري، ويسعى إلى أن تجد منظمة إش.د.أم صدى لدى جمهور واسع من الطبقة العاملة، ويتبنى نهجًا انتهازيًا تجاه المنتخبين/ت من منظمة إش.د.أم ، ويتجه نحو ”التقدميين“ في الحزب الديمقراطي وقادة الحركة العمالية. يعبر هذا الجناح عن استمرارية مع مؤسسي منظمة إش.د.أم ، مثل الراحل مايكل هارينغتون. كان توجههم، حتى وقت قريب، يهيمن على منظمة إش.د.أم، لكن ذلك تغير بشكل كبير. وتشمل التيارات في منظمة إش.د.أم التي تمثل هذا التوجه Groundwork و Socialist Majority Caucus، التي لا تزال مهمة إلى حد ما. وعلى الجناح الأيمن من هذا التيار يوجد North Star، وهو صغير نسبياً ولكنه أكثر صراحة في التزامه بتراث هارينغتون.
2.جناح أقصى اليسار الذي يجنح إلى القطع نهائيا مع التوجهات التقدمية-الإصلاحية التي يفضلها الجناح المعتدل. ويعبر هذا الجناح بشكل عام عن مشاعر مناضلي/ت الحركة من أجل فلسطين، ويضم أيضًا أنصارًا لصيغة «اصطفافية» من «مناهضة الإمبريالية»، والتي تتمثل أساسًا في الانحياز إلى جميع قوى «المعسكر» المعارض للإمبراطورية الأمريكية دون توجيه أي انتقادات لها أو توجيه انتقادات قليلة. (توجد ضمن هذا ”المعسكر“ ديكتاتوريات استبدادية، بعضها يدعي أنه اشتراكي، وبعضها الآخر محافظ ومناهض للاشتراكية بشكل صريح، بل ومتطرف دينياً في بعض الحالات). يشمل هذا الجناح من منظمة إش.د.أم كل من Red Star و Springs of Revolution.
3. يسار وسط ماركسي يسعى إلى الجمع بين توجه نحو الجماهير العمالية واستراتيجية تهدف إلى بناء حزب اشتراكي مستقل، مع تعزيز النضال الطبقي والأفكار الاشتراكية داخل الحركات الاجتماعية والنقابية. ويشمل ذلك منظمات Bread and Roses (الخبز والورود) و Reform and Revolution (الإصلاح والثورة) و Marxist Unity Group (مجموعة الوحدة الماركسية) . ومع ذلك، يوجد داخل كل من هذه المنظمات مجموعة متنوعة من وجهات النظر، مع انقسام واضح بين الأقلية (القيادة السابقة) والأغلبية داخل مجموعة "إصلاح وثورة". يرغب قسم من مجموعة "خبز وورود" في تجنب الانفصال النهائي عن الجناح المعتدل، في حين لا تريد بعض أطراف "إصلاح وثورة" و"مجموعة الوحدة الماركسية" النأي بنفسها عن وجهات نظر جناح أقصى اليسار.
ثمة ، نظراً للتعقيد المذكور أعلاه، اتجاه إيجابي داخل المجموعات المختلفة للاستماع إلى آراء الرفاق المنتمين إلى مجموعات أخرى وأخذها على محمل الجد. حتى أن هناك مناضلين/ت متفكرين/ت ينضمون إلى تيار آخر عندما يقتنعون بالآراء التي يدافع عنها هذا التيار. وقد تحولت المنظمة ككل من توجه معتدل إلى توجه يساري أكثر. في مؤتمر عام 2023، ثم مرة أخرى في عام 2025، ازداد الاتجاه نحو اليسار، ما يعبر عن استمرار التجذر في منظمة إش.د.أم والعالم بشكل عام.
ظهرت، في الآونة الأخيرة، مجموعات جديدة. قدمت مجموعة Carnation Caucus (مجموعة القرنفل) برنامجًا لمدة أربع سنوات يروم وضع المنظمة في مدار يجمع الماركسية اليسارية الوسطية ومنظورات أقصى اليسار ، مع التأكيد على وجوب اعتبار منظمة إش.د.أم حزبًا سياسيًا. وهناك تيار آخر تشكل حديثًا يصف نفسه بأنه ”التحرير - تجمع ماركسي لينيني ماوي“، ويطرح مواقف لا تزال بلا معنى لدى كثير من الأعضاء.
وثمة أيضًا تيارات لا تندرج مباشرة في أي من الكتل الثلاث - بعضها يميل إلى التداخل بين كتلتين، والبعض الآخر يتطور بطريقة لا تسمح بتصنيفه في أي من الكتلتين. في الفئة الأولى، هناك كتلتان موصوفتان بإيجاز في دليل المستخدم لـ منظمة إش.د.أم . توصف الكتلة الشيوعية (التي أشعر ببعض التقارب معها) على النحو التالي: ”كتلة شيوعية متعددة الاتجاهات. تركز بشكل أساسي على العمل الميداني وتطوير الانغراس على مستوى القاعدة، بما في ذلك تنظيم المستأجرين“. ويوصف Emerge بشكل مشابه :" تجمع شيوعي متعدد الاتجاهات داخل منظمة إش.د.أم بمدينة نيويورك]. وهو نشط في مجالات مناهضة الإمبريالية وتنظيم المستأجرين". وثمة أيضًا الكتلة الاشتراكية الليبرتارية، المتأثرة باللاسلطوية، وهي تشكيل جاد له مشاريع شعبية، ولكن، كما يعلق محررو دليل المستخدم لـمنظمة إش.د.أم ، ”إنها في الواقع استثناء في يسار منظمة إش.د.أم - فمعظم الأعضاء الآخرين في اليسار المنظم في منظمة إش.د.أم ينتمون إلى كتل تدعي الماركسية كأساس أيديولوجي“.
أعتقد أن معظم أعضاء منظمة إش.د.أم على المستوى الوطني يشبهون أعضاء بيتسبرغ، إذ أن معظمهم لا ينتمي إلى أي مجموعة. لكنهم يقدرون أفكار ومساهمات والتزام أعضاء التيارات المختلفة، وهم على استعداد تام للتصويت لصالح معظمهم لتمثيل بيتسبرغ في المؤتمر الوطني. ومع ذلك، فهم غير منضبطين ويميلون إلى التفكير بأنفسهم، تحت تأثير الأحداث الكبرى وتجاربهم الخاصة.
المناقشات والقرارات والحوار
كانت الأيام الثلاثة لمؤتمر منظمة إش.د.أم حافلة جدًا. ربما يمكن تقديم تقرير مفصل بشكل مناسب في كتاب، ولكن ليس في تقرير موجز نسبيًا مثل هذا. وينطبق هذا بشكل خاص على أكثر من 13 ساعة من المداولات، الغنية بالتقارير والقرارات والتعديلات والمقترحات الإجرائية والتذكير بالنظام والتصويت وغيرها، والتي شارك فيها 1100 إلى 1200 مندوب ومندوبة.
تم توزيع هذه اللحظات الشاقة، لكن الحتمية، على مدار الأيام الثلاثة، بين الصباح وبعد الظهر، وأحيانًا تتخللها كلمة افتتاحية، أو مجموعة أو مجموعتين من المناقشات البرنامجية، وكلمات شكر من بعض الرفاق المنتخبين في مناصب داخلية، وحتى، في بعض الأحيان، أغاني جميلة جدًا غناها كورال Sing in Solidarity. هناك الكثير مما يمكن سرده إذا لم نكتفِ بملاحظات سريعة ورسومات تخطيطية نسبياً.
تناولت المناقشات خلال المؤتمر بشكل أساسي المسائل التالية:
• ما هي الهياكل والتوجهات التي من شأنها ضمان مشاركة أكبر وأفضل رقابة من قبل أعضاء منظمة إش.د.أم ، فضلاً عن تماسك أمتن وفعالية أشد؟
• ما هي أفضل طريقة لتحقيق الاستقلال عن المؤسسة الحزبية للديمقراطيين، مع إيلاء اهتمام خاص للانتخابات الرئاسية لعام 2028؟
• ما الذي يمكن توقعه من المرشحين المدعومين من منظمة إش.د.أم ؟ وأيضًا: ماذا يعني هذا الدعم؟ (رفاق يشاركون في الحملة؟ استشارة وتعاون مستمران بين منظمة إش.د.أم والمرشح/المرشحة؟) ما الذي يمكن توقعه من مرشح/ة مدعوم/ة؟ هل يجب أن يقدم نفسه/ها كاشتراكي/ة معلن/ة، على أساس برنامج تم وضعه بمشاركة منظمة إش.د.أم ؟ إذا تم انتخاب المرشح/ة، كيف يمكن ضمان أنه/ها سيكون خاضعًا/ة للمساءلة؟
• إلى أي مدى يجب أن تتحرك منظمة إش.د.أم نحو اليسار لتبقى وفية لمبادئها الاشتراكية الأساسية؟
• ما هي أفضل طريقة لتطبيق نزعة أممية حقيقية وذات صلة (تتضمن قضايا مثل الإمبريالية ومناهضة الإمبريالية، والعلاقات مع مختلف المنظمات والتحالفات، والتضامن مع فلسطين وخصوصيات مناهضة الصهيونية، بالإضافة إلى مسألة ”الاصطفافية“)؟
تمحور النقاش حول قرارات تحفيزية أو داعمة أو معارضة كان من المقرر التصويت عليها. وقد عبر مندوب متمرس من منظمة إش.د.أم في بيتسبرغ عن المعنى العام للاتجاه الذي تسير فيه المنظمة على النحو التالي:
• منظمتنا تتطلع بثبات إلى عام 2028: سنقوم بإعداد حملة لـ 1 مايو 2028 وقد حددنا جملة المهام التي يجب على منظمتنا إنجازها لتكون جاهزة (5). سنطلق حملة لترشيح رئاسي من اليسار النقابي في عام 2028 (6).
• محاربة الفاشية: سنعارض ترامب من خلال محاربة الترحيلات وجعل إلغاء وكالة الهجرة والجمارك (7) أولوية (8)، ومواصلة عمل ”لجنة الرد على إدارة ترامب“ (TARC) (9).
• إعادة تأكيد التزاماتنا تجاه فلسطين و النزعة الأممية: نؤكد مجددًا مشاركتنا في العمل الدولي وعمل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (10)، واعتماد القرار المناهض للصهيونية دون تعديل (11).
• سنقوم بتحديث برنامجنا، مع تشكيل لجنة تهدف إلى تحديث وثيقة ”الشغيلة يستحقون الأفضل“ لتكييفها مع الوضع السياسي الحالي (12).
• تظل الانتخابات أولوية: ستظل الانتخابات أولوية رئيسية لمنظمتنا، وقد قرر المؤتمر تعيين شخصين إضافيين للتعامل مع الانتخابات. يجب أن يكون الدعم على المستوى الفيدرالي من قبل المنظمة الوطنية موضوعًا للتواصل المدروس، ويجب أن تجتمع اللجنة السياسية الوطنية مع الفرع المحلي والمرشح (13).
• تظل الحركة النقابية أولوية رئيسية لمنظمتنا (14).
• يظل الإسكان وتنظيم المستأجرين أولوية. لقد اعتمدنا القرار التوافقي للجنة العدالة في الإسكان 2025 التابعة لـ منظمة إش.د.أم (15)، الذي ينص على أننا سنكافح من أجل الأركان الأربعة للإسكان الاجتماعي وأن عملنا في مجال الإسكان سيركز على إنشاء نقابات مستأجرين قوية ونشطة.
إذا كان قرار حازم ومناهض للصهيونية بشأن فلسطين قد رُفض في مؤتمر 2023، فمن المهم جدًا أن قرارًا مشابهًا حصل على 56٪ من الأصوات في مؤتمر 2025، مقابل 44٪ ضده. كان أحد النقاط الخلافية يتعلق بالمعايير الجديدة التي يجب على المرشحين الالتزام بها للحصول على دعم منظمة إش.د.أم: الدعم الكامل والعلني لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وللنضال الفلسطيني. يبدو أن هذا يستبعد دعم منظمة إش.د.أم للعديد من المرشحين الذين دعمتهم حتى الآن، بمن فيهم بيرني ساندرز. ”ومع ذلك، يلاحظ ستيفان كيميرل، فإن تفسير هذا القرار سيكون من اختصاص اللجنة السياسية الوطنية الجديدة ، وحتى الأشخاص الذين قدموا القرار أكدوا على أن منظمة إش.د.أم ستظل مرنة في تنفيذه “.
أحد القرارات التي يأسف لها كثيرون هو مصير تعديل على المقرر العالمي الذي كان يشكك صراحة في المنظورات الاصطفافية، والذي تم رفضه بأغلبية 43٪ مقابل 56٪.
وقد تم إيلاء اهتمام خاص للطريقة التي سيقوم بها المرشحون/ت المدعومون/ت من منظمة إش.د.أم بحملاتهم الانتخابية وممارسة مهامهم بعد انتخابهم. وركز القرار التوافقي الذي قدمته اللجنة الانتخابية الوطنية لـمنظمة إش.د.أم ، والذي تم اعتماده، على تقديم مرشحين يمثلون منظمة إش.د.أم ومن بين أعضائها، بدلاً من مجرد دعم "ديمقراطيين تقدميين ” بحاجة إلى الدعم. وطالب القرار بأن يعلن المرشحون/ت المدعومون/ت من قبل منظمة إش.د.أم " صراحة وبفخر انتماءهم إلى منظمة إش.د.أم والاشتراكية، لا سيما من خلال تشجيع الناس صراحة على الانضمام إلى منظمة إش.د.أم ” و“ يعلنوا علناً أنهم ’اشتراكيون/ت‘ أو ” اشتراكيون/ت ديموقراطيون/ت". ويحث الفروع المحلية على مطالبة المرشحين بالالتزام "ببناء قائمة اشتراكية وإظهار استقلالية سياسية". وبالطبع، يبقى أن نرى كيف سيتم تطبيق هذه السياسة على أرض الواقع.
تمت إحالة العديد من القرارات - التي لم تتم مناقشتها أو التصويت عليها بسبب ضيق الوقت - في النهاية إلى اللجنة السياسية الوطنية، التي تضمن سير عمل المنظمة بين مؤتمراتها نصف السنوية.
تعد انتخابات اللجنة السياسية الوطنية، التي جرت في المؤتمر، علامة أخرى على تحول المنظمة نحو اليسار. فمن أصل 24 مقعدًا في اللجنة السياسية الوطنية، تم تخصيص 9 مقاعد فقط لأعضاء التيارات المعتدلة، بينما ذهبت 18 مقعدًا إلى أشخاص مرتبطين باليسار - الذين توزعوا في النهاية بالتساوي بين 9 مقاعد فازت بها تيارات أقصى اليسار و9 مقاعد للتيارات الماركسية من يسار الوسط.
ومع ذلك، من المهم ألا نبالغ أهمية هذا الأمر. ”إن اللجنة السياسية الوطنية الجديد “أكثر يسارية"، كما علق أحد المندوبين المطلعين من بيتسبرغ، ولكن يبقى أن نرى ماذا سيعني ذلك ". ويرجع ذلك إلى رغبة العديد من المناضلين (وليس جميعهم) من مختلف التيارات في تجنب الانقسامات والانشقاقات التي قد تضعف منظمة إش.د.أم. وفي الوقت نفسه، تتسم بعض التيارات بتقلب بالغ. و يستحيل، في حقبة عدم الاستقرار هذه، التنبؤ بكيفية تطور الوضع الداخلي.
من ناحية أخرى، جرت مناقشات في المؤتمر - دون صلة بالقرارات أو التصويت - أعطت فكرة حية للغاية عن الآفاق السياسية السائدة اليوم داخل منظمة إش.د.أم. ومن بين هذه الآفاق: خطاب رشيدة طليب الراديكالي بشكل لافت للنظر ورد المؤتمر عليه؛ وعروض قدمها المنظمون الرئيسيون لحملة زهران مامداني البلدية في نيويورك؛ و"تبادل سياسي أول بين المنظمات " (دقيقتان لكل متحدث) شارك فيه ضيوف من مختلف الحركات والنضالات، وتخللته مساهمات من أعضاء منظمة إش.د.أم النشطين في هذه النضالات. وقدمت كلمات بليغة وهامة من قبل أعضاء نقابة معلمي شيكاغو، وكتلة عمال الكهرباء العاديين (CREW)، والعمال الأساسيون من أجل الديمقراطية، ومن التيار الأساسي للرابطة الوطنية لموزعي البريد، وعمال سكك الحديد المتحدون، ومركز عمال أريس شيكاغو، وجمعية الديون الجماعية، وحركة صنرايز، وحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) والحركة الشبابية الفلسطينية، وحزب الحرية والاشتراكية وحزب الشغيلة في البرازيل، وحزب العمال البلجيكي، وحزب فرنسا الأبية، وحزب مورينا في المكسيك، وحزب الديمقراطية الاشتراكية في بورتوريكو، والاشتراكيون الديمقراطيون في اليابان.
أثارت كلمة رشيدة طليب تصفيقاً حاراً ووقوفاً تحية لها. يقدمها ستيفان كيميرل على النحو التالي:
"النائبة رشيدة طليب، المتحدثة الرئيسية، خاطبت المؤتمر برسالة قوية ومؤثرة ضد الحرب في فلسطين. وربطت بين تصويتات الكونغرس التي تمول الإبادة الجماعية ونقص التمويل لإصلاحات مثل التأمين الصحي للجميع والوصول إلى المياه الصالحة للشرب. وأدانت طليب ”المؤسسة الحزبية“ لدورها في تمويل الإبادة الجماعية، مشددة على أن الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء يتم تمويلهم من قبل المليارديرات.
على عكس ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز، وبانتقاد واضح لها، قالت طليب: ”السلاح هو سلاح". صوتت ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز في يوليو لصالح تمويل الولايات المتحدة لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي، مبررة تصويتها بالقول إن هناك فرقًا بين تزويد إسرائيل بأسلحة ”دفاعية“ وأسلحة ”هجومية“. في المقابل، صوتت طليب وإلهان عمر بشكل صحيح ضد هذا القرار. ثم صوتت ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز ضد مشروع قانون تمويل الجيش بأكمله.
عبرت طليب عن معارضتها لـ”أنظمة الاستغلال الرأسمالية"، وشددت على أن ”الجماهير العاملة تتوق إلى التغيير الثوري... لهذا السبب فإن منظمة إش.د.أم مهمة للغاية. نحن قادرون على تشخيص المشاكل التي يواجهها الأمريكيون من الطبقة العاملة بصراحة وصدق". وحثت منظمة إش.د.أم - مستخدمة ضمير ”نحن“ للإشارة إلى المنظمة - على التحدث بلغة مفهومة للعمال، الذين تخلّى عنهم الديمقراطيون والجمهوريون، من أجل شرح ”ما يمكن أن تعنيه الاشتراكية الديمقراطية لحياتهم".و حثت طليب منظمة إش.د.أم على توجيه عملها نحو الجماهير العريضة من الطبقة العاملة، وجذب المزيد من الأشخاص الملونين إلى منظمتنا من خلال إقناعهم بالأفكار الاشتراكية الديمقراطية – وهي مهام أساسية لـ منظمة إش.د.أم".
هل من المناسب للماركسيين الثوريين أن يناضلوا في منظمة إش.د.أم ؟
كانت حقيقة إش.د.أم ، كما تجلت في المؤتمر، مختلفة نوعياً عما كنت أتصور. إش.د.أم أكثر يسارية بكثير مما كنت أعتقد، وأكثر انتقادًا، ورافضة للطرفين الرأسماليين. كنت أتوقع منظمة يهيمن عليها التيار المعتدل، مع بعض الفرص للمناقشة اليسارية، ومهام التكوين والمشاركة في أنشطة اجتماعية ملموسة ومثيرة للاهتمام. حقيقة أنها أكبر منظمة اشتراكية في الولايات المتحدة، وأنها شهدت نمواً مذهلاً، وأنها تضم عدداً كبيراً من المناضلين/ت الاشتراكيين/ت الشباب الذين ينتمون أساساً إلى طبقتنا العاملة المتنوعة مهنيًا، كان عاملاً حاسماً في قراري، في السنوات الأخيرة، بالانخراط فيها.
ما عشته في الاثني عشر شهراً الماضية مع إش.د.أم في بيتسبرغ أقنعني بأن الانخراط بجدية في هذه المنظمة على المستوى المحلي أمر منطقي بالنسبة لي، وأن عليّ حضور المؤتمر الوطني – بصفتي مراقباً – لتكوين فكرة أوضح عن المنظمة ككل. وكان ذلك بمثابة اكتشاف بالنسبة لي. في هذا التقرير، حاولت أن أعطي فكرة عما اكتشفته في مؤتمر المنظمة الوطني، المنعقد في الفترة من 8 إلى 10 أغسطس 2025. وجدت هناك واقعًا أكثر انفتاحًا ودينامية وراديكالية يسارية مما كنت أتصور، صحيح أنه مليء بالقيود والعيوب المحبطة، ولكنه أيضًا منفتح ومتطور، مع إمكانات للإسهام في إنشاء منظمة اشتراكية أشد فعالية. هناك أيضًا الكثير لنتعلمه من تجربة. إش.د.أم هذه. فيها الكثير من المشكلات، ولكن فيها أيضا إمكانات كبيرة. لذا، نعم، بصفتي ماركسيًا ثوريًا، أجد أنه من المنطقي تمامًا أن أكون جزءًا من إش.د.أم. ليس من أجل ”التدخل“ في إش.د.أم، ولكن من أجل أن أكون جزءًا حقيقيًا منها.
يبدو لي أنه من المفيد بنفس القدر أن أكون جزءًا من Solidarity (16) و Tempest Collective. . وإن تحديد كيفية تمفصل هذه العناصر هو تحدٍ يجب مواجهته بالمشاركة النشطة في هذه المنظمات، مع المساهمة في بناء حركة فعالة من أجل الاشتراكية.
14 أغسطس 2025
2- نجد في هذا الكتاب الذي يزيد عن 450 صفحة، 38 مقالاً تعرض عدداً كبيراً من الآراء الموجودة داخل إش.د.أم. الكتاب متوفر في نسخة ورقية بسعر 15 دولاراً وفي نسخة إلكترونية بسعر 9.50 دولارات.
3-يستخدم النص الأصلي مصطلح caucus، الذي يستخدم في بعض النصوص والترجمات الفرنسية.
4- هذا المخطط المكون من ثلاثة كتل مأخوذ من تقرير المؤتمر الذي كتبه ستيفان كيميرل، الذي ينتمي إلى التيار الأقلية داخل Reform and Revolution. ومع ذلك، شعرت بالحاجة إلى تعديل الطريقة التي يصف بها الكتل الثلاث، لجعلها أقرب إلى تصوري الخاص.
6- قرار «R33: Unite Labor & the Left to Run a Socialist For President and Build the Party» (توحيد النقابات واليسار لترشيح مرشح اشتراكي للرئاسة وبناء الحزب)، المرجع نفسه.
7- دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (United States Immigration and Customs Enforcement – ICE) هي وكالة فيدرالية تهدف بشكل خاص إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية. وقد اشتهرت في الأشهر الأخيرة بتدخلاتها العنيفة والتعسفية.
8- مقرر «R26: Fight Fascist State Repression & ICE» (محاربة القمع الفاشي للدولة ووكالة الهجرة والجمارك)، المرجع نفسه.
9- مقرر «R05: Fight Fascism, Build Socialism»( محاربة الفاشية، بناء الاشتراكية)، المرجع نفسه.
10- قرار «R36: استراتيجية اشتراكية ديمقراطية موحدة للتضامن مع فلسطين»، المرجع نفسه.
11- "R22: من أجل إش.د.أم مناهضة للصهيونية ومناضلة»، المرجع نفسه.
12- من خلال اعتماد القرار ”R34: العمال يستحقون أكثر، إلى الأبد: من أجل برنامج متماسك ومستمر يتناسب مع النمو السياسي لـ إش.د.أم “ دون تعديل، المرجع نفسه.
13- يمكن للفروع المحلية دائمًا اختيار عدم طلب دعم المنظمة الوطنية، وهو ما ينبغي أن يكون الحال بالنسبة للفرع المحلي في نيويورك فيما يتعلق بألكسندرا أوكاسيو كورتيز.
14- اعتمدنا CR10: قرار إجماعي للجنة النقابية الوطنية لـ إش.د.أم: بناء حركة نقابية يقودها العمال (بصيغته المعدلة بواسطة CR10-A02 و CR10-A03 و CR10-A04).
15CR06: "قرار توافقي للجنة العدالة السكنية التابعة لـ DSA لعام 2025".
16- Solidarity، التي تنشر مجلة Against The Current، هي فرع الأممية الرابعة في الولايات المتحدة. تربط Solidarity والأممية علاقات مع Reform and Revolution، ومع المجموعة التي تنشر Tempest، ومع رفاق Bread and Roses.