مجلة وموقع تحت مسؤولية المكتب التنفيذي للأممية الرابعة.

بنما المتمردة: العمال والشعوب الأصلية ضد النيوليبرالية

بقلم خوسيه كامبرا
Manifestation à Panama après l'arrestation de dirigeants syndicaux de Suntrac. (c) Antonio Neto

نظم العمال والشعوب الأصلية تعبئات ضد الأجندة النيوليبرالية لحكومة مولينو Mulino. أجرى أنطونيو نيتو Antônio Neto، من مجلة موفيمينتو Movimento، مقابلةً مع الرفيق خوسيه كامبرا José Cambra حول أسباب اندلاع هذه الحركة، والعلاقات القائمة مع الإمبريالية الأمريكية، وعناصر برنامج القطيعة الذي أصبح رمز المقاومة الشعبية ضد التقشف والاستبداد.

ماذا يخوض البنميون إضراباً منذ 54 يوماً؟

أصبحت بنما، على مدى الأشهر الأخيرة، بؤرة نضال شعوب أمريكا اللاتينية ضد الرأسمالية المتوحشة وضد النيوليبرالية، ويتجلى ذلك في شكل إضرابات. أعلن أساتذة المدارس الابتدائية والثانوية في البلد عن خوض إضراب مفتوح في 23 أبريل/نيسان. ثم قام عمال قطاع الموز، في 28 أبريل/نيسان، بشن إضرابات مفتوحة في مقاطعة بوكاس ديل تورو Bocas del Toro، على ساحل بنما الأطلسي، قرب الحدود مع كوستاريكا، وكذلك عمال قطاع البناء، بقيادة النقابة الوطنية الوحيدة لعمال صناعة البناء والقطاعات المرتبطة بها (Suntracs سونتراكس).

اندلعت هذه الإضرابات لأسباب عديدة. من المهم الإشارة إلى أنها تأتي بعد عام واحد من تنصيب رئيس يدعى مولينو، من طينة بولسونارو Bolsonaro في البرازيل، ومايلي Milei في الأرجنتين، ودوكي Duque في كولومبيا، وترامب Trump في الولايات المتحدة الأمريكية. فاز هذا الرجل في الانتخابات بعد أن ورث الرأسمال السياسي للرئيس السابق مارتينيلي Martinelli المحكوم والمدان بتهم الفساد. شغل ريكاردو مارتينيلي منصب رئيس البلد بين عامي 2009 و2014، وبعد أن أصبح غير مؤهل للترشح عقب إدانته، أعلن اختيار مولينو مرشحاً له.

خاض مولينو حملته الانتخابية تحت شعار «مارتينيلي هو مولينو، ومولينو هو مارتينيلي» لإعادة الرخاء الاقتصادي إلى البنميين. اتسمت ولايتا ريكاردو مارتينيلي بفترة ازدهار اقتصادي من حيث وجود فرص عمل كُثر بفضل المشاريع الضخمة (مشاريع ضخمة كانت بؤرة للفساد وأدت إلى إدانة مارتينيلي الذي يعيش حالياً في المنفى في كولومبيا).

لكن في السنة الأولى من ولاية مولينو، لم يجرِ خلق أي فرص عمل. في المقابل، صدر القانون 462 لإصلاح نظام الضمان الاجتماعي. يهدد هذا القانون احتياطيات صندوق الضمان الاجتماعي Caja de Seguro Social، البالغة 9 مليارات دولار، والذي يدير الرعاية الطبية لجميع المقيمين/ات في بنما تقريباً، بالإضافة إلى المعاشات التقاعدية وغيرها (معاش الزمانة، معاش المتوفى عنهم...-المترجم-). سيُعهد تدبير نسبة 90% من هذه الاحتياطيات إلى بنك بنما وصندوق ادخار بنما la Caja de Ahorros de Panama، وهما بنكان عموميان، لكن مديريهما من أتباع مولينو ويحظيان بصلاحية التعاقد مع القطاع الخاص لتدبير هذه الاحتياطيات. أما نسبة 10% المتبقية فسيوكل تدبيرها مباشرة إلى القطاع الخاص. ينص القانون حتى على إلزامية شراء سندات الدين الأمريكي. وبعبارة أخرى، فإنهم يعرضون للخطر احتياطيات صندوق الضمان الاجتماعي، الذي يدير الرعاية الصحية لـنسبة 90٪ من المقيمين/ات في بنما، بالإضافة إلى معاشات التقاعد وغيرها.

كما يخفض هذا القانون المعاشات التقاعدية من نسبة 60% إلى نسبة 30% ويرفع سن الإحالة على التقاعد. وفقًا لحسابات اقتصاديين في جامعة بنما، بدلاً من التقاعد في سن 62 عامًا للرجال و57 عامًا للنساء، سيتعين على الناس الآن العمل حتى سن 80 عامًا للحصول على نسبة 60٪ من أجورهم، وإلا فلن يحصلوا سوى على نسبة 30٪ منها أو أقل. أثار ذلك حالة من الذعر، وانتقد تحالف الشعب المتحد من أجل الحياة Alianza Pueblo Unido por la Vida ومنظمات شعبية أخرى هذا الوضع، واستجابت لدعوة الرئيس للمشاركة في موائد مستديرة في مقر الرئاسة، لكن دون جدوى لأن الرئيس رفض أي مفاوضات. أثناء مناقشة القانون في الجمعية الوطينة، نُظمت مشاورة بثت على التلفزيون واستمرت حوالي شهرين. كان الأغلبية المطلقة، ضمن 500 شخص، ترى ضرورة اعتماد نظام التضامن بالكامل، واتخاذ تدابير لمحاربة تهرب أرباب العمل والبرجوازية الضريبي، وأيضاً تثبيت فرض ضرائب عالية حتى يساهم أكثر من يكسبون أكثر، ويحققون أكبر الأرباح، لأن الرأسمال في هذا البلد معفى من الضرائب عمليا.

لكن أضيف إلى ذلك عنصر آخر أدى إلى انفجار الوضع. كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تعتزم، وفقاً لترامب، التحكم بالقناة التي كانت سُلمت إلى بنما بموجب معاهدات دولية قبل 25 عاماً، في مطلع هذا القرن. وبدلاً من أن تدين حكومة مولينو ذلك أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقعت بروتوكول اتفاق مع بيت هيغسيث Pete Hegseth، وزير الدفاع الأمريكي، يسمح بإنشاء ثلاث قواعد عسكرية في بنما، في مواقعها القديمة، وأعلن هيغسيث أن ألف جندي موجودون بالفعل في بنما. إن تواجد القوات الأمريكية هذا انتهاك لمعاهدة توريخوس-كارتر Torrijos-Carter. ويراها السكان بمثابة استسلام من قبل حكومة مولينو.

يضاف إلى ذلك قرار العزم على إعادة فتح منجم فورست كوانتوم First Quantum، الذي كان يُدر على هذه الشركة نسبة 48٪ من أرباحها العالمية، والذي أعلنته المحكمة العليا غير دستوري في عام 2023، بعد تعبئات مذهلة. كانت مسيرة ضخمة ضمت ربع مليون شخص في بلد يبلغ عدد سكانه 4300000 نسمة. وفي اليوم نفسه، نظم مليون شخص تعبئات في جميع أنحاء البلد. أدى هذا المستوى من التعبئة إلى إرغام المحكمة العليا على إعلان عدم دستورية ليس وحسب الاتفاقية المنجمية، بل أيضا، بفعل مشكلة إيكولوجية متعلقة بحماية البيئة، واستغلال المناجم المكشوفة. لا يمنع ذلك رئيس الجمهورية من الإعلان عن إعادة فتح المنجم، والإفراج عن ملايين الدولارات من النحاس لصالح شركة فيرست كوانتوم First Quantum التي كانت أودعتها في المنجم. علاوة على ذلك، وصلت شحنة من الفحم للتو إلى ميناء المنجم لاستئناف تشغيل محطة توليد الكهرباء، في خطوة فعالة نحو إعادة فتح المنجم.

تتعارض هذه الأحداث تمامًا مع روح عام 2023 وتشكل المطالب الرئيسية للحراك الذي بدأ مع الأساتذة في 23 نيسان/أبريل، متبوعًا بنقابات عمال مصانع الموز ونقابات عمال البناء في عام 28 نيسان/أبريل.

اليوم، بعد 54 يوماً من إضراب المدرسين، كان عمال قطاع الموز توصلوا إلى عقد اتفاق مع مجلس النواب لسن قانون يعيد لهم الحقوق التي كانوا يتمتعون بها والتي كانت قوضت بموجب قانون 462. لكن بما أن مجتمعات محلية بأكملها كانت في حالة تعبئة، أصبحت المقاطعة خاضعة بالفعل لتحكم النقابة والمجتمعات المحلية. كان 24 حاجزا على الطرق يراقب مداخل المقاطعة. أصدر الرئيس يوم الخميس الماضي (12 يونيو/ حزيران) أمراً بالتقدم عسكرياً ضد المقاطعة، وفي يوم الجمعة 13 يونيو /حزيران، انطلقت قوات القمع بموجب عملية أوميغا Omega («حتى النهاية») إلى داخل المقاطعة، واشتبكت مع المجموعات المدافعة عن حواجز الحراسة، ومعظمها من السكان الأصليين من قبائل نوي (Noé) وبولي (Bulé) ونازو (Nazo) وعمال قطاع الموز الذين استأنفوا النضال. اعتُقل القائد الرئيسي لنقابة عمال الموز فرانسيسكو إسبين Francisco Espín وثلاثة آخرون بتهمة التحريض على ارتكاب جرائم.

تتصاعد وتيرة النضال. وتدور مواجهات في جميع أنحاء مقاطعة بوكاس ديل تورو ضد عناصر البوليس وقوات مكافحة الشغب والخدمة الوطنية للحدود - التي من المفترض قانونياً عدم استخدامها في عمليات البوليس الداخلية.

وبالمثل، قامت شعوب نوي Noé الأصلية بإغلاق الطريق السريع للبلدان الأمريكية، وهو أهم طريق في البلد، واشتبكت مع عناصر البوليس. حدث ذلك أيضا في الأسبوع الماضي في قرية تسمى أريمي Arimey التي يقطنها شعب إمبيرا Emberá الأصلي، وتقع على الجانب الآخر من الحدود التي تفصل بين مقاطعتي بوكاس ديل تورو Bocas del Toroوشيريكي Chiriquí، بالقرب من كوستاريكا. والآن في مقاطعة دارين Darín، حيث يعيش شعب الإمبيرا Emberá الذي ناضل دفاعاً عما نصبه من حواجز حراسة على الطريق، اعتُقل اثنان من زعمائه التقليديين واقتيدا مقيدي الأيدي والأرجل، كالمجرمين. ومثلوا يوم الجمعة 13 يونيو / حزيران أمام القضاء الجنائي، ثم أُفرج عنهما لغياب أي تهم ضدهما.

أما الشعبان الأصليان الأخريان، الكونا Kuna والدولي Dule، فطَردا جميع السلطات الحكومية من منطقتهما وأغلقا جميع المدارس دعماً لإضراب المدرسين. إنهما على وعي بأن خسارة هذه المعركة ستؤدي إلى إعادة فتح المنجم على الفور وإقرار بروتوكول الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ينص دستور بنما على لزوم إحالة كل ما يتعلق بالقناة أو المناطق المجاورة لها إلى مجلس النواب، وإذا حظي بالموافقة، يُطرح في استفتاء عام. ترفض الحكومة القيام بذلك. وبعبارة أخرى، لم تعد هذه الحكومة حكومة ديمقراطية تمثيلية برجوازية، بل أصبحت حكومة تتجاوز الدستور والقوانين، على غرار حكومات يمين متطرف وحكومات تشكل ديكتاتوريات مدنية. نواجه والحالة هذه صراعاً تحتل فيه مسألة الدفاع عن دولة القانون والحريات الديمقراطية مكانة الصدارة.

اضطر الأمين العام لنقابة سونتراكس Suntracs، بموجب قرار اتخذته النقابة، إلى اللجوء إلى سفارة بوليفيا، خشية اعتقاله والزج به في أخطر سجن بالبلد. كما أن الرفاق قادة شعوب أريماي Arimay الأصلية، في بيران Berán، الموجودين في سجن ميغا جويا Mega Joya، معرضون للخطر، كما هو الحال بالنسبة لخايمي كاباييرو Jaime Caballero، أحد قادة نقابة سونتراكس Suntracs، المعتقل هو الآخر في سجن ميغا جويا. وبعبارات أخرى، يقومون بتجريم التظاهرات، حتى تظاهرات الطلبة. جرى تعليق أجور 22000 مدرس/ة. وكُثر منهم/ن منخرطون/ات في حركة الإضراب.

هناك تعبئات كل يوم. ينظم المدرسون وعمال البناء وقطاعات نقابية أخرى تعبئات، ويجوبون المجتمعات المحلية. إن الإضراب أقوى في مناطق البلد الداخلية منه في مدينة بنما، لأن هذه الأخيرة تضم مليوني نسمة، وتمثل مساحة جغرافية شاسعة للغاية. وفي داخل البلد، ينضم جميع السكان إلى المدرسين/ات والمسيرات.

نشهد في أمريكا اللاتينية موجة حكومات يمين متطرف استبدادية نفذت برنامجاً كاملاً من إصلاحات مضادة نيوليبرالية. تعيش بنما وضعاً مختلفاً، لعدم تمكن حكوماتها من تنفيذ برنامجها برمته. ما سبب ذلك؟ هل تمثل بنما الحلقة الضعيفة في سلسلة الرأسمالية في أمريكا اللاتينية؟

لا تتمتع القيادات الإصلاحية للحركة الجماهيرية في بنما، بنفس القوة التي تمتلكها في بلدان أخرى. لدينا قادة/ات منخرطون/ات في النضالات مثل قادة نقابة قطاع البناء ورابطة الأساتذة في جمهورية بنما ونقابات المدرسين. تشهد بنما ما نسميه أزمة شرعية: في عام 2019، نُظمت انتخابات، وبعد بضعة أشهر سعت الحكومة إلى فرض إصلاحات دستورية، وكان أحد هذه الأخيرة يقضي بإلغاء ميزانية الجامعات العامة. في اليوم التالي، نزل 10000 طالب إلى الشوارع واجتاحوا مبنى الجمعية الوطنية واحتلوه، مما أدى إلى تراجع هذه الأخيرة عن إقرار هذا الجانب من الإصلاح. بعد عشرة أيام، قمعت عناصر البوليس تجمعاً ضم 4000 شابا، ضمنهم أعضاء من حركات مجتمع الميم-عينLGBT+، ونقابيون، وشباب جامعيون، مما شكل بداية ما يفوق شهراً إلى حد ما من تعبئات شبيبية، خاصة نساء، تتراوح أعمارهن بين 17 و35 سنة، ضد الإصلاح والبرلمان. سيؤدي هذا النضال إلى إجبار الحكومة في عام 2019 على التراجع عن الإصلاح الدستوري برمته.

حلّت جائحة كوفيد- 19 في عام 2020، وأصبحنا في حالة حجر صحي في عامي 2020 و2021، لكن في عام 2022، ارتفعت أسعار البنزين، مما دفع السكان إلى المشاركة في تنظيم حواجز في جميع أنحاء البلد احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية ونقص الأدوية وارتفاع أسعارها، فضلاً عن ضعف ميزانية التعليم. كان كل ما تحقق هو زيادة ميزانية التعليم ووقف ارتفاع أسعار البنزين، لكن المسائل الأخرى ظلت معلقة، وانتهى إضراب المدرسين بعقد اتفاق لوقف عمليات خفض الأجور. في عام 2023، انفجرت الأوضاع لأن الأهداف السابقة لم تتحقق، ولأن الشركة المنجمية فيرست كوانتوم أدت إلى توجيه السخط المتراكم، مما أفضى إلى تجمع 250 شخصًا. توجد فجوة بين السكان والسياسيين التقليديين، وثمة مشكلة ذات صلة بالشرعية: يقول الناس لا، لن نسمح بحدوث ذلك.

في الواقع، منذ تأسيس تحالف الشعب المتحد من أجل الحياة، كانت الفكرة أننا نشكل عاملا محفزا لتمكين السكان من التعبير عن أنفسهم. هناك قادة مستعدون للقتال، وحركة مدرسين/ات تناضل طليعتها منذ 20 أو 25 عامًا. وبالتالي، فإنها طليعة ذات تقاليد نضالية.

لكن القمع شديد لدرجة عدم حدوث انتفاضة اجتماعية معممة حتى الآن. تتمثل سياسة الحكومة، بغض النظر عن وجود نضالات من عدمها، في القمع: إذا طالب حي سكني بالمياه أو عانى من مشاكل في السكن، إلخ. يؤدي ذلك إلى إثارة الخوف، لكن أيضًا إلى تراكم السخط الذي يفضي إلى انفجار معمم.

على عكس البرازيل حيث استغل بولسونارو سخط جزء من السكان، لا تحظى الحكومة اليمين المتطرف في بنما بأي قاعدة اجتماعية. يتعرض مارتينيلي الآن للهجوم بسبب تحمله مسؤولية وصول مولينو إلى السلطة، على حد قولهم. بدأ مارتينيلي، الذي يتمتع بقاعدة اجتماعية داعمة ومتعاطفة بين السكان، يواجه هذا النوع من المشاكل.

يحظى إضراب المدرسين/ات بدعم شعبي واسع في الأحياء والمدن والأسر. إلى جانب المدرسين، يشارك في الإضراب بشكل كبير عمال قطاعي البناء والموز والسكان الأصليون، كأفراد منفردين، ومجتمعاتهم المحلية. هل توجد حملات دعم مجتمعية محلية لتأمين الغذاء والمال دعماً لنضالهم؟

بالضبط. في الأسبوع الثالث من إضراب المدرسين، بدأت موجة تجمعات واجتماعات لأمهات وآباء. خاصة أمهات. وبالتالي، عقدوا/ن اجتماعات وأعلنوا/ن أن مدرستهم/هن داعمة للمدرسين/ات العاطلين/ات عن العمل. وإذا لم ينخرط مدرسون/ات في الإضراب، كان أولياء الأمور يؤكدون رفض إرسال أبناءهم إلى المدرسة. وبالتالي، بدأ هذا الإضراب بمشاركة ما يناهز نسبة 60٪ من المدرسين/ات. ثم ارتفعت هذه النسبة، أثناء الأسبوع الثالث، إلى نسبة 80٪.

منذ الأسبوع الأول، شارك طلبة/ات المدارس الثانوية، بزيهم/هن الرسمي، بأعداد كبيرة في التظاهرات في المقاطعات. نشهد اليوم صحوة لفاعل كان تعرض للقمع في عهد نورييغا Noriega. كان الدور الذي يضطلع به اليوم المدرسون/ات قام به سابقاً طلبة المدراس الثانوية. كان لديهم اتحاد طلابي يضم جمعيات في كل مدرسة. كان لكل فصل دراسي تمثيلية. كانت هناك هيكلة منظمة وحركات جماهيرية. وضع نورييغا حداً لذلك في عام 1985. إذ طرد القادة ودمر المنظمة.

ندرس إمكانية مواصلة الإضراب حتى 2 يوليو/ تموز، وهو التاريخ الذي تستأنف فيه الجمعية الوطنية أشغالها. تشهد جميع أنحاء البلد حركة اعتصامات بحواجز أمام منازل النواب الذين صوتوا لصالح القانون. ويخشى عدة نواب بالفعل على مستقبلهم الانتخابي ويقولون إنهم مستعدون للنظر في إجراء بعض التغيرات والإصلاحات على القانون في حد ذاته.

إلى متى قد تستمر هذه الحركة؟ هل تعتقدون بإمكانية إجبار النواب على إصلاح القانون؟

يشكل انتظار شهر يوليو/ تموز تكتيكاً تنهجه الحكومة لإنهاك الحركة، مع التهديد بتخفيض الأجور. وهذا ما حصل بالفعل في حق ما يناهز عشرين ألف مدرس. علاوة على ذلك، توجد مقاطعات بأكملها حيث لم يتقاض مديرو المدارس أجورهم. في فيراغواس Veraguas، وبوكاس ديل تورو، لم يتقاض بعض زملائنا/تنا أجورهم/هن منذ ثلاثة أسابيع، والبعض الآخر منذ أسبوعين، وغيرهم منذ أسبوع واحد. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الحكومة بتسريحهم جماعات وتحل مكانهم مربين عاطلين عن العمل. جرى الطعن في ذلك أمام المحكمة العليا لأن هذه التسريحات غير قانونية. رفعت دعاوي قضائية للطعن في ذلك أمام المحكمة العليا. إذا تم الأخذ في الاعتبار الطعن الذي قدمناه، فسيكون هناك تضارب بين السلطة التنفيذية والمحكمة العليا.يمثل ذلك أحد الأسباب التي تحفزنا على مواصلة الإضراب، لإجبار المحكمة العليا على البت في المسألة وفرض إعادة دفع الأجور. قد يشكل ذلك ضربة قوية للحكومة.

لم يحدث اقتطاع أجور المدرسين أثناء الإضراب سوى مرتين في التاريخ. إنهم يفعلون ذلك لأن هذه حكومة اليمين المتطرف تروم تدمير نقابة سونتراكس (Suntracs) وتحطيم تنظيم المدرسين. على هذا النحو، تعتقد أنها ستتمكن من القضاء على القيادة التي تقف في طريق خطتها.

نحن والحالة هذه في مواجهة شاملة، لا مجال فيها لعقد أي تسوية.

نحن في مأزق، أليس كذلك؟ لا تملك الحكومة القوة الكافية لسحق الحركة، وفرض إصلاح أنظمة التقاعد، والاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإعادة فتح المنجم، والحركة...

هذا صحيح، والحركة ليست قوية بما يكفي لتهزم الحكومة. على المجتمعات المحلية بذل مزيد من جهود التحفيز. حظي مولينو بترحيب حار من قبل الأوليغارشية المالية باعتباره منقذًا. لكن حالة انعدام الاستقرار في الحكم تؤثر أيضًا على أرباحها. انخفض الاستهلاك. إن عدم حصول 20000 مدرس على أجورهم يعني عدم سداد القروض المصرفية وقروض الرهن العقاري للبنوك.

يؤدي ذلك والحالة هذه إلى خلق وضع اقتصادي صعب. إذا تفاقمت الأوضاع، وتنامت حدة تعبئة السكان إلى حد كبير، فستتكبد الحكومات هزيمة ساحقة. ستكون هزيمة بنفس حجم تلك التي يسعون إلى تحطمينا بها.

هل تمارس شريحة برجوازية الاقتصاد الحقيقي، التي تجني أرباحها من السياحة والأسواق المادية، ضغوطاً بالفعل على الحكومة للتراجع؟

التقى بهم [الرئيس- المترجم]، في الأسبوع الماضي، قبل عشرة أيام، وتحدث إليهم وطلب منهم الانتظار، ومنحهم بضعة أيام لوضع حد للحركة. لذلك، جاء خطاب الرئيس للتأكيد على عدم وجود مشكلة، وعلى أن القانون 462 أصبح ساري المفعول...وللناس أن يقولوا: «يا إلهي، يوجد هنا اثنان من بنما، بنما الرئيس وبنما التي ترونها في الشارع».

ما لم نحققه بعد هو انتفاضة وطنية متزامنة. وأنا أتحدث هنا حتى من منظور حق السكان في التظاهر. اندلعت تظاهرات شلت البلد نسبيًا، لكنها لم تشمل كل الأنحاء، كما حدث في عام 2023. وهذا ما يقوله الرئيس: لن أسمح بإغلاق البلد مرة أخرى.

هناك أيضًا حركة تضامن عالمية، ونحن ممتنون بعمق لجميع رفاقنا في البرازيل وغيره من البلدان والذين قادوا الحملة العالمية التي انطلقت قبل يوم الاثنين 9 يونيو/ حزيران.

كانت هناك تظاهرات في منظمة العمل الدولية، وفي مؤتمر اتحاد نقابات العمال الأمريكيين، واتحاد النقابات الدولي. وكانت هناك حتى تحركات منسقة في 9 يونيو/ حزيران في مختلف البلدان، في أمريكا اللاتينية وأوروبا وأماكن أخرى على حد سواء1. وبعبارات أخرى، حدثت بالفعل حركة من قبل نقابات مدرسين ومنظمات سياسية يسارية ورفاق من الأممية الرابعة وغيرها.

في خضم ذلك، يتجسد التضامن مع نقابة سونتراكس (Suntracs)، التي تشكل المنظمة الأكثر تضرراً. تعرضت حساباتها ومساهماتها النقابية للمصادرة من قبل حكومتين متعاقبتين منذ عام 2023، وتحديداً منذ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.اضطر أبرز قادتها إلى اللجوء إلى سفارة بوليفيا. ويقبع زعيم آخر بارز في السجن. وآخر مطلوب مقابل 10 آلاف دولار لمجرد تحديد مكانه! وهناك مطاردة جارية. جرى اقتحام مقرات النقابة. وبعبارة أخرى، جرى انتهاك جميع حقوق حرية تكوين الجمعيات واتفاقات منظمة العمل الدولية.

كادت إحدى محاولات الحكومة، ضمن ما قامت به لقمع الحركة، أن تنجح، وتمثلت في السعي إلى التفاوض مع نقابة عمال قطاع الموز لإصلاح قانون نظام الضمان الاجتماعي. كانت إحدى هذه المحاولات من قبل وزير في الحكومة الذي التقى بهم في بوكاس ديل تورو وعاد دون التوصل إلى اتفاق. والآن، حصلت محاولة جديدة أسفرت عن اعتقال قائد النقابة، أليس كذلك؟ بعبارة أخرى، لم تنجح محاولات الحكومة لتقسيم الحركة. فماذا سيحدث الآن؟

أقرت الجمعية العامة التعديلات المتفق عليها مع النقابة بشأن القانون 45. على الرغم من ذلك، استمر الإضراب في تشانغينولا Changuinola، وهي المنطقة التي تتمتع فيها النقابة بانغراس أكثر قوة.

قرر الرئيس عندئذ إرسال عناصر البوليس والقوات المسلحة إلى المكان، فبدأت المواجهات وأغلق النقابيون مرة أخرى مدينة تشانغينولا. تريد الحكومة سحق الحركة. لكن بما أن الحركة قوية للغاية، فأي خطوة خاطئة قد تؤدي إلى انفجار الوضع. ونحن نقاوم بوجه التحديد حتى يتمكن السكان من المشاركة ونستطيع هزم الحكومة.

تعني هزيمة الحكومة، كما قلتم جيداً، هزيمةَ ليس وحسب قانون إصلاح نظام الضمان الاجتماعي، بل أيضاً استغلال المناجم وجميع هذه المحاولات المبذولة من قبل الحكومة. علاوة على ذلك، فإن الحكومة نفسها تعرض نفسها للخطر، لأن هذا رئيس بدون نائب. إنه في خطر، على سبيل المثال، بسبب الشكوى التي قدمناها ضده إلى الجمعية الوطنية، وفقاً لدستور بنما، والتي مفادها أنه انتهك الشخصية الدولية للدولة بموافقته على إقامة قواعد عسكرية أمريكية في بنما.

يمثل هذا الانتهاك للدستور السبب الوحيد الوجيه لعزل رئيس الجمهورية. إذا تغير ميزان القوى واندلعت أزمة كبيرة، فقد يُعزَل الرئيس وتنظَّم انتخابات جديدة في مدة أقصاها خمسة أشهر، على النحو الذي ينص عليه الدستور. وبعبارات أخرى، قد يؤدي ذلك إلى نشوء وضع مختلف.

لا يزال ذلك غير مطروح على جدول الأعمال. وهذا الأمر غير ممكن في هذه اللحظة، لكن يفتح الطريق أمام هزيمة الحكومة التي أصبحت أداة عديمة الفعالية في يد البرجوازية، حكومة مهزومة تماماً.

27 يونيو/ حزيران 2025

  • 1

    ساهم في ذلك مارسيلو دي ستيفانو Marcelo Di Stefano، أحد قادة اتحاد نقابات عمال وعاملات القارتين الأمريكيتين CSA والمنتمي إلى الاتحاد العام للعمل CGT في الأرجنتين. نُظمت تحركات عديدة في 9 يونيو/ حزيران في البرازيل أمام السفارة والقنصليتين في ريو Rio وسانتوس Santos. قام وفد نقابي بلجيكي برفقة نواب في البرلمان الأوروبي، خاصة من حزب فرنسا الأبية LFI، بزيارة السفارة في بروكسل، إلخ.