يمثل تمفصل النزعة الأممية والمسألة القومية، وترابط المطالب الديمقراطية والثورة، رهانَ جدلٍ بين الماركسيين منذ منتصف القرن التاسع عشر، هذا نقاش يعرض مايكل لوفي تطوره.
لم يقترح ماركس وإنجلز نظريةً منهجية في المسألة القومية، ولا تعريفًا دقيقًا لمفهوم ”الأمة“، ولا إستراتيجية سياسية عامة للاشتراكيين في هذا المجال. كان معظمُ مقالاتهما بهذا الشأن بياناتٍ سياسيةً ملموسة تخص حالاتٍ معينةً. أما النصوصُ النظرية بحصر المعنى، فلا شك أن أشهرها وأكثرها تأثيراً مقاطعُ البيان الشيوعي، الغامضةُ إلى حد ما، عن الشيوعيين والأمة. هذه المقاطع ذات قيمة تاريخية تتمثلُ في إعلان جريء وصارمٍ للطبيعة الأممية للحركة البروليتارية، لكنها لا تخلو دائمًا من نزعة اقتصادوية، ومن تفاؤلٍ مؤيد للتجارة الحرة مدهشٍ. ويتجلى ذلك بنحو خاص في الإيحاء بأن البروليتاريا الظافرةَ إنما ستواصل ببساطة مهمةَ إلغاء التناقضات القومية التي بدأت مع ”تطور البرجوازية والتجارة الحرة والسوق العالمية“، إلخ. إلا أن نصوص أخرى، من نفس الفترة، تناقض هذه الفكرة، حيث يشير ماركس إلى أنه ”بينما لا تزال برجوازية كل أمة محتفظة بمصالح قومية خاصة، خلقت الصناعةُ الكبيرة طبقة مصالحها واحدة في كل الأمم، وباتت القومية بالنسبة لها ملغية“ (1).
أبرز ماركس في كتاباته اللاحقة (لا سيما حول مسألة ايرلندا) أن البرجوازية لا تميل إلى الإبقاء على التناقضات القومية وحسب، بل تميل إلى إنمائها لأن:
1 - الصراع من أجل السيطرة على الأسواق يخلق نزاعات بين القوى الرأسمالية؛ 2 - استغلال أمة لأمة أخرى يولد العداء القومي؛ 3 - الشوفينية إحدى الأدوات الأيديولوجية التي تتيح للبرجوازية الحفاظ على سيطرتها على البروليتاريا.
أكد ماركس وإنجلز بقوة على إضفاء نمط الإنتاج الرأسمالي طابعا عالميا على الاقتصاد: ظهور السوق العالمية التي ”انتزعت من الصناعة قاعدتها القومية“ من خلال خلق ”ترابط معمم بين الأمم“. بيد أن ثمة نزعة اقتصادوية في فكرته القائلة إن ”توحيد الإنتاج الصناعي وشروط الوجود التي يستتبعها“ يساعد على تذويب الحواجز القومية (Absonderungen) والتناقضات، كما لو أن الاختلافات القومية يمكن مماثلتها مع مجرد اختلافات في عملية الإنتاج (2).
مبادئ عامة
أرسى البيان الشيوعي أسس الأممية البروليتارية، لكنه قلما أعطى إشارات إلى إستراتيجية سياسية ملموسة إزاء المسألة القومية. لم يتم تطوير هكذا إستراتيجية إلا لاحقا، لا سيما في كتابات ماركس عن بولندا وإيرلندا (وكذا في صراعه داخل الأممية ضد قومية مازيني الليبرالية الديمقراطية والعدمية القومية للبرودونيين). لقد دعم ماركس وإنجلز بولندا ليس باسم المبدأ الديمقراطي العام لتقرير مصير الأمم فقط، بل بوجه خاص بسبب نضال البولنديين ضد روسيا القيصرية، معقل الرجعية الرئيسي في أوروبا وعدو مؤسسي الاشتراكية العلمية اللدود.
وعلى العكس، للكتابات حول ايرلندا تطبيقٌ أوسعُ بكثير، وتعرض، ضمنيا، بعضَ المبادئ العامة حول مسألة الأمم المضطهدة. كان ماركس، في طور أول، يؤيد حكما ذات لايرلندا ضمن اتحاد مع بريطانيا، ويعتقد أن حل مسألة اضطهاد الأيرلنديين (من قبل كبار ملاك الأراضي الإنجليز) يكمن في انتصار الطبقة العاملة (التشارتية) في إنجلترا. بيد أنه في ستينيات القرن التاسع عشر، اعتبر تحرير أيرلندا شرط تحرير البروليتاريا الإنجليزية. وقد طورت كتاباته عن ايرلندا في تلك الحقبة ثلاثةً مواضيع ستكون مهمة لتطور النظرية الماركسية لتقرير المصير القومي في علاقتها الجدلية مع الأممية البروليتارية:
1. التحرر القومي للأمة المضطهدة هو وحده القادر على تجاوز الانقسامات والتناقضات القومية وإتاحة وحدة الطبقة العاملة في كلا الأمتين ضد عدوهما المشترك، الرأسماليين؛
2. تحرر الأمة المضطهَدة شرطٌ مسبق لتحرر البروليتاريا الإنجليزية. إن اضطهاد أمة أخرى يقوي الهيمنة الإيديولوجية للبرجوازية على شغيلة الأمة المضطهِدة (بالكسر): كل أمة تضطهد أمة أخرى تصنع أغلالا لنفسها؛
3. تحرر الأمة المضطَهَدة (بالفتح) يُضعف القواعد الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأيديولوجية للطبقات الحاكمة في الأمة المضطهِدة (بالكسر)،ما يُسهم في النضال الثوري للطبقة العاملة لهذه الأمة.
كانت مواقف فريدريك إنجلز بصدد بولندا وأيرلندا بالغة الشبه بمواقف ماركس. ومع ذلك، نجد في كتاباته مفهومًا نظريًا غريبًا وهو مذهب ”الأمم غير التاريخية“ - وهي فئة أدرج فيها، شذر مذر، سْلافيي الجنوب (التشيك والسلوفاك والكروات والصرب وغيرهم)، والبريتونيين والاسكتلنديين والباسكيين. ووفقاً لإنجلز فإن ”هذه البقايا من أمة داستها مسيرة التاريخ بلا رحمة تحت الأقدام، كما يقول هيغل،’نفايات الشعوب‘ هذه، تغدو في كل مرة أنصاراً متعصبين للثورة المضادة، وتظل كذلك حتى إبادتها ونزع طابعها القومي ؛ أليس وجودها ذاته احتجاجاً على ثورة تاريخية عظيمة؟ (3)
وقد طوّر إنجلز هذه الحجةَ الميتافيزيقية التاريخية الزائفة في مقال عام 1855، يؤكد أن ”البانسلافية حركة تسعى جاهدة لمحو ما صنعته ألف سنة من التاريخ، ما لا يمكن تحقيقه دون محو تركيا والمجر ونصف ألمانيا من الخريطة“ (4).
ومن المفارقات أن إنجلز نفسه كان قد أكد، في مقال في الفترة ذاتها (1853) أن مصيرَ الإمبراطورية التركية التفككُ بعد تحرر أمم البلقان، وهو ما لم يفاجئه على الإطلاق، لأنه كان،لإجادته الديالكتيك، معجباً في التاريخ ”بتغيرات المصير البشري الأبدية [...] حيث لا شيء مستقر إلا عدم الاستقرار، ولا شيء ثابت سوى الحركة“ (5).
يمكن القول دفاعًا عن إنجلز إن الأمر يتعلق بمقالات صحفية، تفتقر إلى صرامة العمل العلمي، وبالتالي كان لها وضع مختلف عن كتاباته النظرية بحصر المعنى.
النقاش الماركسي الكلاسيكي في الأممية الثانية: المسألة القومية في منعطف القرن
جرت أهم مناقشة للمسألة القومية بين الماركسيين في الأممية الثانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وتناولت مساهماتٌ هامة مسائلَ خاصة: المسألة اليهودية - من البوندي فلاديمير ميديم Vladimir Medem إلى الصهيوني بير بوروتشوف Ber Borochov - أو المسألة الأيرلندية مع جيمس كونولي James Connolly. لكن التأملات النظرية الأكثر عموميةً هي تلك التي جاء بها ماركسيو الإمبراطوريتين النمساوية المجرية والروسية (القيصرية) متعددة القوميات: أوتو باور Otto Bauer، وروزا لوكسمبورغ، وستالين، ولينين، وتروتسكي.
اليسار الراديكالي ضد نزعة الانفصال القومية: روزا لوكسمبورغ وليون تروتسكي
كان تيار ”اليسار الراديكالي“ (Linksradikale)، ممثلا لوكسمبورغ وبانكوك Pannekoekوتروتسكي (قبل عام 1917) وستراسر Strasser ، يتميزُ، بدرجات متفاوتة وأحياناً بأشكال جد مختلفة، بمعارضته لنزعة الانفصال القومية، باسم مبدأ الأممية البروليتارية. وإذ كان الماركسيون الغربيون بانكوك وستراسر ضعيفي التأثير، لم تكن الماركسية البولندية روزا لوكسمبورغ كذلك.
في العام 1893، أسست روزا لوكسمبورغ الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمملكة بولندا (PSDK)، مزوداً ببرنامج ماركسي وأممي لمواجهة الحزب الاشتراكي البولندي الذي كان هدفه النضال من أجل استقلال بولندا. وإذ نددت روزا ورفاقها في الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمملكة بولندا (ببعض صواب) بالحزب الاشتراكي البولندي باعتباره حزبا اشتراكيا-وطنيا، فقد كانوا معارضين بحزم لشعار استقلال بولندا، وشددوا على العكس على الصلة الوثيقة بين البروليتاريا الروسية والبولندية ومصيرهما المشترك.
في العام 1896، مثلت لوكسمبورغ الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمملكة بولندا في مؤتمر الأممية الثانية. وقد عُرضت المواقف التي دافعت عنها في خطابها في مقال لاحق: ” تحرير بولندا أمر طوباوي مثل تحرير تشيكوسلوفاكيا أو ايرلندا أو الألزاس واللورين [...].يجب ألا تحل محلَّ نضال البروليتاريا السياسي الموحد”جملةُ نضالات قومية عقيمة“. (6).
وقد وضعت الأساس النظري لهذا الموقف في الأبحاث الذي أجرتها في أطروحتها للدكتوراه، "تطور بولندا الصناعي"(1898). كان الموضوع الرئيسُ لهذا العمل هو أن بولندا باتت، من وجهة نظر اقتصاديةٍ، مندمجةً في روسيا. ووحدهما البرجوازيةُ الصغيرة والفئاتُ ما قبل الرأسمالية لا تزال متمسكة بحلم بولندا موحدة ومستقلة الطوباوي.
كان تصريحها الأكثر إثارة للجدل حول المسألة القومية (وقد هاجمه بوجه خاص لينين) هو جملةُ مقالات نشرتها في العام 1908 بعنوان ”المسألة القومية والحكم الذاتي“ في جريدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي البولندي (الذي أصبح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لبولندا وليتوانيا بعد انضمام مجموعة ماركسية ليتوانية). كانت أفكار تلك المقالات الرئيسة كما يلي: 1- حق تقرير المصير حق مجرد وميتافيزيقي، مثل ما يسمى ”الحق في العمل“ الذي نادى به طوباويو القرن التاسع عشر؛ 2- دعم حق كل أمة في الانفصال يعني دعم النزعة القومية البرجوازية، إذ لا للأمة ككيان موحد ومتجانس - فلكل طبقة داخل الأمة مصالح و”حقوق“ متضاربة؛ 3. استقلال الأمم الصغيرة بوجه عام، وبخاصة بولندا، أمر طوباويٌّ من وجهة نظر اقتصادية، ومحكومٌ عليه من قبل قوانين التاريخ بالفشل. وليس ثمة،بنظر لوكسمبورغ، غير استثناء واحد لهذه القاعدة: أمم البلقان التابعة للإمبراطورية التركية (اليونانيون، الصرب، البلغار، الأرمن). كانت هذه الأمم قد بلغت مستوى تطورٍ اقتصاديٍّ واجتماعي وثقافي يفوق تركيا، الإمبراطورية المتدهورة التي كانت تضطهدهم بثقلها الميت.
و استخدمت لوكسمبورغ، لإسناد وجهة نظرها حول انعدام مستقبل للأمم الصغيرة، مقالات إنجلز حول ”الأمم غير التاريخية“ (مع أنها نسبتها إلى ماركس، إذ لم يتضح صاحبها إلا في عام 1913، مع اكتشاف رسائل لماركس/إنجلز غير منشورة) (6).
مقاربات ملموسة
كما نعلم، كانت لوكسمبورغ في العام 1914 واحدةً من قادة الأممية الثانية القلائل الذين لم يستسلموا للموجة الكبيرة من نزعة الوطنية-الاشتراكية التي اجتاحت أوروبا مع قدوم الحرب. سُجنت من قبل السلطات الألمانية بسبب دعايتها الأممية والمناهضة للعسكرية، فكتبت نصها الشهير ”كراسة يونيوس“ في العام 1915 وهربته من السجن. في هذا النص، تبنت لوكسمبورغ إلى حد ما مبدأ تقرير المصير بقول: ”تعترف الاشتراكية بحق كل شعب في الاستقلال والحرية، وفي تقرير مصيره بحرية“. ولكن، لا يمكن بنظرها ممارسة حق تقرير المصير هذا داخل الدول الرأسمالية القائمة، وخاصة الدول الاستعمارية. إذ تعتبر النضال من أجل ”المصلحة الوطنية“،في عصر الإمبريالية، تضليلا، ليس فقط إزاء القوى الاستعمارية الكبرى، بل أيضًا إزاء الأمم الصغيرة التي ليست سوى ” بيادق على رقعة شطرنج القوى العظمى الامبريالية“. (7)
بيد أن لوكسمبورغ عرضت المشكلة بنحو قريب جدًا إلى نحو لينين، ذلك في مقدمة مُصَنَّف ”المسألة البولندية والحركة الاشتراكية“ الصادرِ في العام 1905. تميز لوكسمبورغ بعناية في هذا المقال بين الحق الذي لا يمكن إنكاره لكل أمة في الاستقلال (”الذي ينبع من المبادئ الأولية للاشتراكية“)، وهو ما تعترف به، وبين ملاءمة هذا الاستقلال لبولندا، وهو ما تُنــكره. ويمثل أحد النصوص النادرة التي تعترف فيها بأهمية وعمق وحتى تبرير المشاعر القومية (مع اعتبارها مجرد ظاهرة ”ثقافية“)، وتؤكد على أن الاضطهاد القومي هو ” أشد اضطهاد لا يطاق بهمجيته“ ولا يمكن أن يثير سوى ”العداء والتمرد“... (8)
يمكن وصف كتابات ليون تروتسكي قبل العام 1917 بشأن المسألة القومية بأنها ”انتقائية“ (وصف استعمله لينين لانتقادها)، حيث جاءت في منتصف الطريق بين لوكسمبورغ ولينين. اهتم تروتسكي أكثر بالمسألة القومية بوجه خاص بعد العام 1914. وقد تناولها في كراسته ”الحرب والأممية“ (9)، وهو عمل سجالي موجه ضد الوطنية الاشتراكية، من زاويتين مختلفتين، لا بل متناقضتين:
1. مقاربة تاريخية واقتصادية. الحرب العالمية نتاج التناقض بين قوى الإنتاج، الجانحةٍ نحو اقتصاد عالمي، وإطارِ الدولة الأمة المُقيِّدِ. لذلك أعلن تروتسكي عن ”تدمير الدولة- الأمة ككيان اقتصادي مستقل“، ما كان قولا مبررا من وجهة نظر اقتصادية بحتة. ولكنه استنتج من ذلك ”انهيار“ و”دمار“ الدولة- الأمة ككل؛ فالدولة الأمة في حد ذاتها، أي مفهوم الأمة ذاته، لا يمكن أن توجد في المستقبل إلا ”كواقع ثقافي وأيديولوجي ونفسي“.
2. مقاربة سياسية ملموسة. أعلن تروتسكي صراحةً، على عكس لوكسمبورغ، حق الأمم في تقرير مصيرها شرطا من شروط ”السلام بين الأمم“، معارضا به ”سلام الدبلوماسيين“. كما أيد أيضًا احتمال قيام بولندا مستقلة وموحدة (أي متحررة من الهيمنة القيصرية والنمساوية والألمانية)، وكذا استقلال المجر ورومانيا وبلغاريا وصربيا وبوهيميا وغيرها. وكان يرى في تحرير هذه الأمم، واجتماعها في اتحاد فيدرالي بلقاني، أفضل حاجز ضد القيصرية في أوروبا. و دافع تروتسكي، فضلا عن ذلك، عن علاقة جدلية بين الأممية البروليتارية والحقوق القومية: لم يكن تدمير الأممية العمالية من قبل الوطنيين الاشتراكيين جريمة ضد الاشتراكية وحسب، بل أيضاً ضد ”المصلحة الوطنية بمعناها الأوسع والأكثر صوابا“، لأنه فكك القوة الوحيدة القادرة على إعادة بناء أوروبا على أساس المبادئ الديمقراطية وحق الأمم في تقرير مصيرها.
بعد العام 1917، تبنى تروتسكي التصور اللينيني للمسألة القومية، مدافعا عنه في بريست ليتوفسك (1918) بصفته مفوض الشعب للشؤون الخارجية.
ماركسيو النمسا والحكم الذاتي الثقافي
كانت فكرة ماركسيي النمسا - كارل رينر Karl Renner وأوتو باور – الرئيسة إزاء المسألة القومية، خاصة في سياق إمبراطورية النمسا-المجر، هي الاستقلال الذاتي الثقافي في إطار دولة متعددة القوميات، عبر تنظيم القوميات في هيئات قانونية عامة، ذات جملة كاملة من السلطات الثقافية والإدارية والقانونية. وقد أرادوا الاعتراف بحقوق الأقليات القومية والحفاظ، في الآن ذاته، على وحدة الدولة النمساوية المجرية.
وقد شاطر كتابُ أوتو باور الرئيسُ ”مسألة القوميات والاشتراكية-الديمقراطية“ (1907) الفرضيةَ الأساسيةَ لكارل رينر وغيره من ماركسيي النمسا: الحفاظ على الدولة متعددة القوميات بمنح حكم ذاتي قومي ثقافي لمختلف الجماعات العرقية...
تكمن السمة المميزة لتحليل باور في البعد النفسي-الثقافي لنظريته في المسألة القومية، القائم على مفهوم ”الطَّبع القومي“، مُعرَّفاً بمصطلحات نفسية: ”تنوع الأهداف، وحقيقة أن نفس المحفز قد أن يثير حركاتٍ مختلفةً، وأن نفس الوضع الخارجي قد أن يؤدي إلى قرارات مختلفةٍ“.وقد حظي المفهوم ذو الأصل الكانطي الجديد بنقد حاد من خصوم باور الماركسيين (كاوتسكي، بانكوك، ستراسر، إلخ) (10).
إن لعمل باور قيمةٌ نظرية غير قابلة للإنكار، خاصة فيما يتعلق بالطابع التاريخاني لمنهجه. إذ أن تعريفه للأمة، بما هي نتاج مصير تاريخي مشترك، و”تتويج لا ينتهي لعملية مستمرة“، وباعتبارها تبلورًا لأحداث ماضية، و”قطعة مجمدة من التاريخ“، يضع باور نفسه بقوة على أرض المادية التاريخية وفي مواجهة مباشرة للأساطير الرجعية عن ”الأمة الأبدية“ والأيديولوجية العنصرية. وتضفي هذه المقاربة التاريخية على كتاب باور تفوقًا منهجيًا حقيقيًا على معظم الكتاب الماركسيين في تلك الحقبة، الذين غالبا ما كانت كتاباتهم حول المسألة القومية مجردة وجامدة. وبقدر ما كان منهج باور لا ينطوي فقط على تفسير تاريخي للبنى القومية القائمة، بل أيضًا على تصور للأمة كسيرورة، كحركة في تحول دائم، تمكن من تجنب خطأ إنجلز في 1848-1849: فكون أمة ما (مثل التشيك) ”لم يكن لها تاريخ“ لا يعني حتما أنه لن يكون لها مستقبل. ولم يؤَد تطور الرأسمالية في أوروبا الوسطى والبلقان إلى الاستيعاب بل إلى صحوة أمم ”لا تاريخية“ (11).
وينبغي أن نضيف أنه كانت لبرنامج الحكم الذاتي الثقافي، الباوري، قيمة كبيرة كمكمل – لا كبديل - لسياسة قائمة على الاعتراف بحق تقرير المصير. وبالفعل، كان دستور الاتحاد السوفيتي الأول يدمج بنحو ما مبدأ الحكم الذاتي الثقافي للأقليات القومية.
لينين وستالين والحق في تقرير المصير
كان ستالين أول قائد بلشفي يكتب عن المسألة القومية. كان لينين بعثه إلى فيينا لدراسة المسألة، وتحدث في رسالة إلى غوركي في فبراير 1913، عن ”الجورجي الرائع الذي جعل نفسه معروفًا في جميع أنحاء العالم“ (12). ولكن بمجرد الانتهاء من كتابة مقال ستالين ”الماركسية والمسألة القومية“ (13)، لا يبدو أن لينين كان متحمساً له بشكل خاص، إذ لم يذكره في أي من كتاباته العديدة حول المسألة القومية، باستثناء إشارة موجزة بين قوسين في مقال مؤرخ في 28 ديسمبر 1913. جلي أن أفكار عمل ستالين الرئيسة هي أفكار الحزب البلشفي ولينين. ومع ذلك، يبدو ايحاء تروتسكي بأن المقال كان بإلهام من لينين وإشراف منه وتصحيح ”سطرًا بسطر“ قابلا للنقاش (14).
على العكس، يختلف عمل ستالين في عدد من النقاط المهمة إلى حد ما عن كتابات لينين ضمنيًا وتصريحا، وحتى يُناقضها.
1. إن مفهوم ”الطَّبع القومي“ أو ”التكوين النفسي المشترك“ أو ”الخصوصية النفسية“ للأمم ليس مفهومًا لينينيًا بتاتا. هذه الإشكالية موروثة عن باور، الذي انتقده لينين صراحة بسبب ”نظريته النفسية“. (15) تأكيد ستالين أنه ” فقط باجتماع كل هذه الخصائص [اللغة المشتركة، والإقليم، والحياة الاقتصادية، والتكوين النفسي] معًا يكون لدينا أمة“، أضفى على نظريته طابعًا دوغمائيًا وتقييديًا وجامدًا لا نجده أبدًا عند لينين. كان تصور ستالين للأمة عبارة عن سرير بروكوست أيديولوجي حقيقي (16). فوفقًا لستالين، لم تكن جورجيا قبل النصف الثاني من القرن التاسع عشر أمةً، لأنها تعوزها ”حياة اقتصادية مشتركة“، حيث كانت مقسمة إلى إمارات مستقلة اقتصاديًا. ووفقًا لهذا المعيار، لم تكن ألمانيا، قبل الاتحاد الجمركي، أمة هي أيضًا... لا نجد لدى لينين في أي مكان في كتاباته مثل هذا ”التعريف“ الصارم والمتعسف للأمة...
2. رفض ستالين صراحة الاعترافَ بإمكان وحدةً أو اتحاد جماعات قومية متفرقة في دولة متعددة القوميات: يُطرح سؤال: هل يمكن أن تتوحد في اتحاد قومي واحد جماعات أصبحت متمايزة جداً؟ هل من المتصور، على سبيل المثال، اتحاد الألمان في مقاطعات البلطيق وألمان ما وراء القوقاز” في أمة واحدة“؟ كان الجواب، بالطبع، أن ذلك ”لا يمكن تصوره“ و”غير ممكن“ و”طوباوي“ (17).
على العكس، دافع لينين بقوة عن ”حرية الاتحاد، بما في ذلك اتحاد جميع الجماعات، مهما كانت قوميتها، في دولة معينة“، مستشهدًا بألمان القوقاز والبلطيق ومنطقة بتروغراد كأمثلة على ذلك. وأضاف أن حرية الاتحاد أياً كان نوعه بين أفراد الأمة، المتفرقين في أجزاء مختلفة من البلاد أو حتى في العالم، ”لا جدال فيها ولا يمكن الاعتراض عليها إلا من وجهة نظر بيروقراطية وضيقة الأفق“ (18).
3. لم يكن ستالين يُقيم فرقا بين القومية القيصرية الروسية الكبرى المضطهدة(بالكسر) وقومية الأمم المضطهدة (بالفتح). رفض في ذات الآن ، في فقرة بليغة للغاية من مقاله،”موجة القومية المحاربة من أعلى، وهي جملة كاملة من القمع من جانب "الماسكين بالسلطة‘ و“موجة القومية الصاعدة من أسفل، والتي تحولت أحيانًا إلى شوفينية فظة“ عند البولنديين واليهود والتتار والجورجيين والأوكرانيين وما إلى ذلك. لم يكتفِ بعدم التمييز بين القومية ”من الأعلى“ و”من الأسفل“ فحسب، بل وجه أقسى انتقاداته إلى الاشتراكيين الديمقراطيين في البلدان المضطهَدة الذين لم ”يقفوا بحزم“ في وجه الحركة القومية.
لينين ، المسألة القومية والإستراتيجية
كانت نقطة انطلاق لينين لوضع إستراتيجية بشأن المسألة القومية هي نفس منطق روزا لوكسمبورغ وتروتسكي: الأممية البروليتارية. بيد أنه أصر، خلافا لرفاقه في اليسار الثوري، على جدلية العلاقة بين الأممية والحق في تقرير المصير القومي. أولاً، كان يرى أن حرية الانفصال وحدها ما يجعل الاتحادَ الحر والطوعي والوحدة والتعاون، وعلى المدى الطويل، والاندماج بين الأمم، ممكنًا. وثانياً، إن اعتراف الحركة العمالية في الأمة المضطهِدة بحق الأمة المضطهَدة في تقرير مصيرها هو وحده الكفيل بإزالة العداء والشكوك لدى المضطهَدين وتوحيد بروليتاريا الأمتين في النضال الأممي ضد البرجوازية.
يختلف لينين، من وجهة نظر منهجية، عن معظم معاصريه في محاولته ”وضع السياسة في موقع القيادة“، أي في ميله العنيد والثابت لفهم وإبراز الجانب السياسي لكل مشكلة وكل تناقض. وفيما يتعلق بالمسألة القومية، بينما كان معظم الكتاب الماركسيين الآخرين يرون البعد الاقتصادي أو الثقافي أو ”النفسي“ للمشكلة، كان لينين يعتقد أن مسألة تقرير المصير ”تنتمي كلياً وحصرياً [إلى مجال الديمقراطية السياسية]“ (19)، أي إلى مجال الحق في الانفصال السياسي وإقامة دولة قومية مستقلة.
وغني عن البيان أن الجانب السياسي للمسألة القومية بالنسبة للينين ليس على الإطلاق ما تهتم به الحكومات والدبلوماسيون والجيوش. لقد كان غير مبالٍ على الإطلاق بما إذا كان لأمة معينة دولةٌ مستقلة، أو ما إذا كانت الحدود قائمة بين دولتين. كان هدفه الديمقراطية والوحدة الأممية للبروليتاريا، وكلاهما في نظره يتطلبان الاعتراف بحق الأمم في تقرير المصير. وفضلا عن ذلك، ولأنه يركز على الجانب السياسي بالتحديد، لا تقدم نظريته في تقرير المصير أي تنازلات للنزعة القومية. فهي تتموقع فقط في مجال النضال الديمقراطي والثورة البروليتارية.
عيبُ تصورِ لينين للمسألة القومية الرئيس هو أن التركيز الحصري على الاختيار بين الوحدة والانفصال لا يترك مجالاً كبيرًا لبدائل من قبيل الحكم الذاتي القومي والثقافي. ولكن، كان لينين والبلاشفة يلجؤون إليه في الممارسة العملية، على سبيل المثال فيما يتعلق بالمجتمعات القومية مثل اليهود في الاتحاد السوفيتي.
تأملات معاصرة، بنديكت أندرسون Benedict Anderson ، وإريك هوبسباوم
تعلقت معظم المناقشات حول المسألة القومية، في العقود التالية لثورة أكتوبر 1917 الروسية، بمشاكل قومية معينة. في العام 1922، تواجه لينين وستالين حول الحكم الذاتي لجورجيا السوفيتية - صراع وصفه المؤرخ موشيه لوفين بــ”معركة لينين الأخيرة“. وفي ثلاثينات القرن العشرين، كتب ليون تروتسكي عن حق أوكرانيا السوفيتية في تقرير المصير. واستمرت المسألة اليهودية في إثارة الجدل، باسهامات منها ما قدم أبراهام ليون، شاب من تلاميذ تروتسكي. ونشر ماركسيون سود كُثر تحليلات مهمة عن الأقلية الأفريقية-الأمريكية في الولايات المتحدة ( وليام أدوارد بورغارت دوبوا W.E.B. Du Bois، سيريل ليونيل روبرت جيمس CLR James). وفي العام 1935، نشر الماركسي الكتالوني أندريو نين كتابًا عن حركات التحرر القومي، لكنه في الأساس ملخص للنقاش الكلاسيكي، من ماركس وإنجلز إلى الثوريين الروس. وثمة بالطبع أدبيات ماركسية واسعة حول حركات التحرر الوطني بالمستعمرات.
ولم تظهر تأملات نظرية ماركسية عامة جديدة حول المسألة القومية إلا في متم القرن العشرين. اثنان منها أكثر تأثيرًا: بنديكت أندرسون وإريك هوبزباوم.
يعرّف بنديكت أندرسون الأمة، في كتابه الرائد الصادر عام 1983 بعنوان ”المخيال القومي: تأملات في نشأة القومية وانتشارها“،بأنها ”جماعة سياسية مُتَخَيَّلَة“. ويوضح أن الأمة متخيلة لأن أفرادَ أصغر أمة لن يعرفوا أبدًا معظمَ إخوتهم، أو يلتقوا بهم، أو حتى يسمعوا عنهم؛ ولكن في أذهان كل واحد منهم تعيش صورة الوحدة التي تجمعهم“.من المحتمل ألا يعرف أفراد جماعة بعضهم بعضًا وجهًا لوجه، ولكن قد تكون لهم مصالح متشابهة أو قد يعتبرون أنفسهم جزءًا من أمة واحدة.
أخيرًا، الأمة هي جماعة لأنه، ”بغض النظر عن عدم المساواة والاستغلال الحقيقيين اللذين قد يسودان في كل منها، تُصوَّر الأمةُ على أنها رفاقية أفقية عميقة. وفي نهاية المطاف، هذه الأخوة هي التي مكّنت ملايين عديدة من الناس على مدى القرنين الماضيين ليس من القتل، بل من الموت طواعيةً لأغراض محدودة“.
ووفقًا لأندرسون، تلعب اللغة دورًا مهمًا في توطيد ”الجماعات المتخيلة“ القومية. تبدأ اللغة مع نخبة مثقفة صغيرة، وتزداد أهمية مع انتشار الطباعة بعد القرن الثامن عشر، وبعد القرن التاسع عشر، مع انتشار اللغة بواسطة التعليم العام والإدارة. يمكن اعتبار تركيز أندرسون على المتخيل أحاديَّ الجانب، ولكن لا شك أن كتابه من أكثر المساهمات إبداعًا في التفكير الماركسي في المسألة القومية.
ربما يكون كتاب إريك هوبزباوم الصادر عام 1991 بعنوان ”الأمم والقوميات منذ عام 1780: البرامج والأسطورة والواقع“ أهم دراسة لهذه القضية بعد كلاسيكيات الأممية الثانية الكبيرة. يخلص الكتاب، بعد فحص المعايير المختلفة المقترحة لتعريف الأمة، مثل اللغة والعرق والإقليم وما إلى ذلك، إلى أن هذه التعريفات ”الموضوعية“ قد فشلت، لأن ثمة دوما استثناءات واضحة. وفضلا عن ذلك، المعايير المعتمدة لهذا الغرض هي نفسها متغيرة وملتبسة. لذلك يقترح موقفا ”لاأدريا“، ويرفض أي تعريف مسبق لماهية أمة. والتعريف الوحيد الذي يقبله كفرضية عمل أولية لكتابه هو أن ”أي مجموعة ناس كبيرة بما فيه الكفاية يعتبر أفرادها أنفسهم أعضاء في "أمة" ستتم معاملتهم على أنهم أمة“. بالطبع، يبقى سؤال ”العتبة“: ما هي ”المجموعة الكبيرة بما فيه الكفاية“؟ في القرن التاسع عشر، كما يبين هوبزباوم، كانت الأمم الكبيرة وحدها تعتبر lebensfähig (قابلة للحياة): ليس فقط الليبراليون، بل حتى ماركس وإنجلز اعتبرا الشعوب الصغيرة من مخلفات الماضي وعقبات أمام التقدم التاريخي...
الأمم، بنظر هوبزباوم، تشكيلات عصرية، أي حديثة نسبيًا، أنتجتها الأيديولوجية القومية و”اختراع التقاليد“ - وهو مفهوم لا يخلو من شبه بمفهوم ”الجماعات المتخيلة“ الذي صاغه بينيديكت أندرسون. ويتفق هوبزباوم مع الباحث القومي (غير الماركسي) إرنست غيلنر Ernest Gellner على أن الأمم تحتوي على عنصر ناتج عن اصطناع واختراع وهندسة اجتماعية، ويقتبس التعليق الساخر التالي لعالم الأنثروبولوجيا البريطاني ”إن الأمم كوسيلة طبيعية وهبها الله لتصنيف البشر، وكقدر سياسي متأصل، هي خرافة؛ أما القومية التي تأخذ أحياناً ثقافات موجودة مسبقاً وتحولها إلى أمم، وأحياناً تخترعها... فهذه حقيقة“. لكنه اختلف مع تركيز غيلنر أحادي الجانب على التحديث الوطني من الأعلى، متجاهلاً التطورات الشعبية ”من الأسفل“ (20).
كان إريك هوبزباوم، الأمميُّ غير النادم، متشككًا في المبدأ الويلسوني لتقرير المصير القومي: محاولة (بعد معاهدة فرساي) جعل حدود الدولة مطابقة لحدود القومية واللغة. ويرى أن هذه السياسة، الرامية إلى إنشاء دول متجانسة عرقيًا، أدت حتمًا إلى الطرد الجماعي للأقليات أو إبادتها: ”لقد كان هذا هو اختزال القومية، القاتل حد العبث، في نسختها الإقليمية، رغم أن ذلك لم يتجل بشكل كامل قبل أربعينات القرن العشرين“ (21).
تحليل هوبزباوم التاريخي لافت للنظر، لكن استنتاجه بأن أهمية الأمة والقومية تتضاءل في نهاية القرن العشرين أمر مشكوك فيه. وإذ يمكننا الاتفاق معه على أن الدولة القومية فقدت الكثير من أهميتها الاقتصادية، فليس جليا بنفس القدر أن ”القومية لم تعد وسيلة رئيسية للتطور التاريخي“ وأن ”أهميتها التاريخية تتضاءل“ على حد قوله. و الأمثلة التي ساق لتوضيح استدلاله، عندما ألف كتابه (1988-1989)، دحضها مسار الأحداث اللاحقة. فهو يشير على سبيل المثال إلى أن التوترات القومية في يوغوسلافيا ”لم تخلف حتى الآن قتيلاً واحداً“، ويلح بصدد صعود الجماعات الوطنية المعادية للأجانب مثل الجبهة الوطنية في فرنسا، على ”عدم استقرارها وعدم ثباتها“ (22).
إذا كانت الأمميةُ المنظورَ المتماسكَ الوحيدَ، من وجهة نظر ماركسية، للنظر في المسألة القومية، فيجب ألا يقودنا ذلك، كما كان الحال أحيانا كثيرة، إلى بخس قوة الأمم والقومية وتأثيرهما وقدرتهما على إلحاق الضرر.
21 مايو/أيار 2024
مراجع
B. Anderson, L’imaginaire national : réflexions sur l’origine et l’essor du nationalisme, La Découverte, 1996, 212 pages ; réédition poche 2006.
O. Bauer, La question des nationalités et la social-démocratie, Paris, EDI, 1987, vol. 1 ; La question des nationalités, éditions Syllepse, 660 pages, 2017
F. Engels, «The Magyar Struggle» (1848), in Marx, Engels, The Revolutions of 1848, Londres, Penguin 1973.
F. Engels, «What is to Become of Turkey in Europe ?» New York Daily Tribune, 1853, et «Deutschland und der Panslawismus», Neue Oder Zeitung, 1855, dans Marx, Engels Werke, Berlin, Dietz Verlag, 1968, vol. XI.
E. Hobsbawm, Nations et nationalismes depuis 1780 : programmes, mythe et réalité, Gallimard, 1992, édition poche 2001.
V.I. Lénine, «The National Program of the RSDLP», Collected Works, Moskow, Progress, 1958, Vol. 19 ;
ف. لينين، ”حق الأمم في تقرير المصير“، و”ملاحظات نقدية حول المسألة القومية“، ”الثورة الاشتراكية وحق الأمم في تقرير المصير" موجودة بانترنت
M. Löwy, «Marxists and the National Question», New Left Review, Londres, avril 1976.
R. Luxemburg, « Thèses sur les tâches de la social-démocratie internationale » (1915), « La Brochure de Junius, La guerre et l’Internationale », Œuvres complètes, Tome IV, Agone, 256 pages.
R. Luxemburg, «Die Polnische Frage auf dem Internationalen Kongress in London», (1896), «Vorwort zu dem Sammelband “Die polnische Frage und die sozialistische Bewegung”» (1905), «Nationalität und Autonomie» (1908), in Internationalismus und Klassenkampf, Berlin, Luchterhand, 1971 (Rosa Luxemburg, la Question nationale et l’autonomie, Le temps des cerises, 2001 - épuisé).
K. Marx, F. Engels, L’idéologie allemande, 1845.
R. Rosdolsky, Friedrich Engels et les peuples «sans histoire», 384 pages, Syllepse, 2018.
J. Staline, Le marxisme et la question nationale.
L. Trotsky, Les Bolcheviks et la paix mondiale.
L. Trotsky, Staline, Syllepse, 2021, 1008 pages.
1) K. Marx, F. Engels, L’idéologie allemande, 1845, .
2) K.Marx, F. Engels, Manifeste du Parti communiste, 1848.
3) F. Engels, La Nouvelle Gazette Rhénane, 13 janvier 1849.
4) F. Engels, “Deutschland und der Panslawismus”, Neue Oder Zeitung, 1855, cité par R. Rosdolsky, Friedrich Engels et les peuples « sans histoire », Syllepse, 2018
5) F. Engels , “What is to Become of Turkey in Europe ?”, New York Daily Tribune, 1853, cité par R. Rosdolsky, op.cit. p. 174.
6) R. Luxemburg, “Die polnische Frage auf dem Internationalen Kongress in London”, 1896, Internationalismus und Klassenkampf, Berlin, Luchterhand, 1971, pp. 142-143 et pp. 236, 239.
8) R. Luxemburg, voir note 6, pp. 192, 217-218).
10) O. Bauer, La question des nationalités et la social-démocratie, Paris, EDI, 1987, vol. 1, p. 139, réédité par Syllepse en 2017.
11) Otto Bauer, 1987, vol. 1, p. 149.) voir note 10.
12) Lénine, édition 1958, vol.35:84.
13) Staline, 1913.
14) Trotsky, Staline, édition 1969:233.
15) Lénine, édition 1958, vol. 20:31.
16)
في الأساطير اليونانية، بروكوست (حرفيا معناه من يضرب بالمطرقة كي يمدد) كنية للص قاطع طريق يجبر المسافرين على التمدد على سرير ، يبتر الاعضاء الزائدة على طول السرير ويمدد القصيرة عنه لتطابقه . سرير بروكوست تعبير عن محاولات إكراه لمطابقة نموذج ، وكيفية وحيدة للتفكير والعمل.
17) Staline, Le marxisme et la question nationale, édition 1953 : 306-7, 309, 305, 339.
18) Lénine, 1958, 19 : 543 et Lénine, 1958, 20 : 39, 50.
19) Lénine, « La révolution socialiste et le droit des nations à disposer d’elles-mêmes », édition 1958, 22:145.
20) Hobsbawm, édition 1991 : 8-11.
21) Hobsbawm, édition 1991 : 133.
22) Hobsbawm, édition 1991 : 163, 170, 173, 179.
كتب هوبزباوم التالية :
- الشعوب والقوميات منذ 1780
- اختراع التقاليد
- رباعية: عصر الثورة ،عصر راس المال، عصر الامبراطورية، عصر التطرفات
- موجودة، مع أخريات، بانترنت