للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، أُدين الرئيس السابق دونالد ج ترامب بارتكاب جناية، ولكن يبدو أنه لن يكون لذلك تأثير يذكر على الانتخابات المقبلة. وقد احتشد السياسيون الجمهوريون وأنصاره حوله. في الواقع، يدّعي ترامب أنه خلال الـ 48 ساعة التي تلت قرار هيئة المحلفين، جمع مبلغًا مذهلاً قدره 52.8 مليون دولار، معظمه من مانحين صغار،وأن 30% منهم متبرعون جدد، جميعهم مدفوعون للتبرع، استنادا على إدعائه الكاذب بأنه تم تنسيق العملية برمتها من قبل الرئيس جو بايدن، وأن القاضي كان فاسدًا، وأن المحاكمة مزورة.
وفي الواقع، كانت المحاكمة نموذجاً للعدالة الأمريكية. حيث قال القاضي خوان إم ميرشان إن المدعين العامين في ولاية نيويورك وجهوا التهم بعد تحقيق دام ثلاث سنوات، ومنحوه محاكمة عادلة، وقد أدين ترامب بإجماع تصويت 12 محلفاً، وهم مواطنون عاديون من نيويورك تم فحصهم واختيارهم من قبل فريقي المحامين. يتعين على المرء أن يعجب بالشجاعة المذهلة التي أظهرها المحلفون الذين أصدروا حكم الإدانة على الرغم من التهديدات العنيفة من أنصار ترامب. حيث أدين الرئيس السابق دونالد ترامب بجميع التهم الـ 34 المتعلقة بتزوير سجلات الأعمال للتغطية على دفع أموال سرية لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز التي مارس معها الجنس. وقد سُمح لهيئة المحلفين باعتبار حجب تلك المعلومات يتعارض مع انتخابات الولاية والانتخابات الفيدرالية.
عموماً، لن يصدر الحكم على ترامب في 11 يوليو/تموز إلا من قبل قاض، وهو يتمتع بسلطة تقديرية واسعة.. حيث يمكنه السماح للرئيس السابق بالذهاب حراً طليقاً، أو وضع شروط لإطلاق سراحه، أو وضعه تحت الإقامة الجبرية، أو إرساله إلى السجن لمدة تتراوح بين أربع وعشرين سنة. يعتقد الكثيرون أنه من غير المرجح أن يذهب إلى السجن. قد يكون الأمر كذلك.
عادة ما يأخذ القضاة سجل الفرد في الاعتبار. وليس لدى ترامب أي سجل إجرامي سابق، لكن القاضي سيأخذ القضايا المدنية الأخرى في الاعتبار. وقد أمر أحد القضاة بالفعل ترامب بدفع 35 مليون دولار بسبب الكذب بشأن ثروته. وفي قضية أخرى، حُكم عليه بدفع 5 ملايين دولار في دعوى مدنية بتهمة اغتصاب إي جان كارول ثم بمبلغ قدره 83.3 مليون دولار بتهمة التشهير بكارول. خلال قضية الاحتيال هذه، أصدر القاضي أمرًا بحظر النشر، ومنع ترامب من تهديد الشهود والمحلفين والقاضي وأفراد أسرة القاضي وهيئة المحلفين والمدعين العامين ومسؤولي المحكمة. من جهته، انتهك ترامب أمر حظر النشر عشر مرات، مما أدى إلى تغريمه ب 9000 دولار. وقد يجد القاضي أيضًا أن ترامب لم يُظهر أي ندم في القضية.
عموماً، وبمجرد صدور الحكم على ترامب، يحق له الاستئناف، على الرغم من أن الاستئناف قد يستغرق شهورًا. نظرًا لأن الإدانة تتعلق بجريمة في ولاية نيويورك وليست جريمة فيدرالية، فيمكنه الاستئناف أمام المحاكم العليا، لكن من الناحية القانونية لا يمكنه الاستئناف أمام المحكمة العليا الأمريكية، التي عيّن بعض أعضائها.
من جهة أخرى، دعا مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الجمهوري اليميني، المحكمة العليا الأميركية إلى التدخل في استئناف ترامب، الأمر الذي سيكون انتهاكًا للدستور.
لا يحظر دستور الولايات المتحدة على المجرم أو حتى السجين أن يترشح أو يُنتخب لمنصب الرئيس. حيث ترشح الاشتراكي يوجين ف. دبس، أثناء وجوده في السجن بسبب أنشطته المناهضة للحرب، للرئاسة في عام 1920. ومن عجيب المفارقات أن ترامب قد لا يتمكن من التصويت لنفسه في ولايته فلوريدا، لأن المجرم هناك لا يستطيع التصويت قبل أن يقضي عقوبته كاملة.
عموماً، يحافظ ترامب على تقدم طفيف في استطلاعات الرأي على بايدن رغم إدانته. حيث يقول أكثر من 80% من الجمهوريين إنهم سيدعمون ترامب، ويقول 16% إنهم سيعيدون النظر في طريقة تصويتهم، لكن 4% فقط تخلوا عنه. تستمر دوائر ترامب الانتخابية الرئيسية، مثل المسيحيين الإنجيليين، في دعمه. في هذه الأثناء، يفقد بايدن دعم الناخبين العرب والمسلمين، وكذلك بعض الناخبين الشباب الذين يطلقون عليه لقب "جو الإبادة الجماعية". وبينما لا تزال أغلبية الناخبين السود واللاتينيين تدعمه، فإن دعمه بين تلك المجموعات يتراجع بعض الشيء.
في يوم الثلاثاء الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر)، يمكن للأميركيين الذهاب إلى صناديق الاقتراع وانتخاب فاشي جديد مجرم مدان وربما سجين.
2 يونيو 2024