
نكتب بصفتنا مناضلين متضامنين مع أوكرانيا، وأعضاء في نقابة اتحاد الجامعات والكليات (Universityand CollegeUnion). قادتنا هذه التجربة إلى التفكير في الموقف الواجب على الاشتراكيين والنقابيين حيال الحرب، ولا سيما طريقة دعمنا لمعارضة الحروب الإمبريالية، ونقد صناعة الأسلحة، والتضامن مع حروب التحرر الوطني.
إن لدى الحركة العمالية عموما، وحركات المضطهدين بوجه خاص، ولا سيما حركة النساء، تقليد طويل تفتخر به في معارضة الحروب وصناعة الأسلحة. لكن هذا لا يعني، بنظرنا، تبني موقف سلمي تمامًا. نعتقد، كما أشير إليه أعلاه، أن ثمة ظروفًا تقتضي ضرورة المقاومة المسلحة ويجب دعمها، خصوصا حروب التحرر الوطني. وهذا يطرح سؤالًا مهمًا على اليسار: كيف نوفق بين انتقادنا طويل الأمد للعسكرة ودعم هذا النوع من النضالات؟ أصبحت هذه الأسئلة وجيهة باطراد في السنوات الأخيرة بسبب الحرب على أوكرانيا. نحن نكتب بصفتنا مناصرين/آت لمقاومة الشعب الأوكراني المسلحة ضد العدوان الروسي. وقد شاهدنا، في هذا السياق، أقساما من اليسار تعمل بالتنسيق مع جماعات سلمية/مناهضة للحرب، تتبنى مواقف سلمية أو شبه سلمية حيال أوكرانيا.
يمر هؤلاء الأشخاص دون انتقال من الدعوة إلى” السلام بدلاً من الحرب“إلى الدعوة لوقف شحنات الأسلحة لأوكرانيا، دون الاعتراف بتداعيات هذا الموقف على الشعب الأوكراني، ومتجاهلين حقيقة تعارضه ما تطالب به النقابات الأوكرانية. وشهدنا أيضًا نقاشات تمت فيها المماثلة بين دعم حق الأوكرانيين في الحصول على أسلحة للدفاع عن النفس وبين دعم الحرب وحلف الناتو وعدم إدراك مخاطر اندلاع حرب عالمية ثالثة وحرب نووية ودعم الحكومات الغربية. إننا نعتقد أنه من المشروع تمامًا التخوف بشأن اندلاع حرب عالمية ثالثة ومخاطر تصاعد النزاعات، لكن لا ينبغي الرد على ذلك بسياسة استرضاء تطالب الأمم المضطهَدة بالتنازل عن حقها في تقرير مصيرها القومي أو القبول بتقسيم أراضيها قسرًا. نحن نعارض أيضا فكرة وجوب قبول الأمم المضطهدة للسياسات (داخلية كانت أو خارجية) المقررة من الدول القوية المجاورة، مع البقاء في دائرة نفوذها، بصرف النظر عن رغبات شعوبها.
ونعتقد أن من الأهمية بمكان الإقرار أيضا بأنه طالما تكون حركات التحرر الوطنية، أو البلدان التي تناضل من أجل الحفاظ على حق تقرير مصيرها، في كثير من الأحيان ضعيفة نسبيًا من الناحية الاقتصادية والعسكرية مقارنة بالقوى الإمبريالية المنافسة، فإنها قد تكون بحاجة إلى دعم عسكري، على سبيل المثال في شكل شحنات أسلحة، من واحدة أو أكثر من هذه القوى. وهذا يثير مجددا أسئلة مهمة على الاشتراكيين. كيف يمكن التوفيق بين هذه الضرورة ونضالاتنا الحالية ضد الهيمنة الإمبريالية؟
حدَت بنا هذه التجارب إلى التفكير فيما يعنيه كون المرء مناهضا للعسكرة وفي الطريقة التي ينبغي لنا أن نحدد بها مناهضة العسكرة. تسعى الملاحظات التالية جاهدة إلى بلورة موقف مناهض للعسكرة دون أن يكون سلميًا ولا متعارضا مع التضامن مع الشعب الأوكراني. ونحن لا ندعي أن هذه الملاحظات شاملة.
المطالب
عُرضت الملاحظات أدناه على شكل مطالب أو متطلبات. ونعتقد أنها تمثل الشروط الواجب استيفاؤها لكي يتجنب دعمُ الحركات التقدمية العسكري تعزيزَ النزعة العسكرية. وقد دمجناها في ثلاث فئات: تلك التي تتوجه إلينا أساسا، بصفتنا طرفاً في الحركة العمالية؛ وتلك التي تتوجه للحكومات الوطنية أساسا؛ وتلك التي تتوجه للمنظمات الدولية أساسا.
فيما يخص المجموعة الأولى، المتطلبات التي نرى وجوب تسليط الاشتراكيين الضوء عليها هي التالية:
*عدم إضفاء طابع رومانسي على الحرب أو تمجيدها؛ واعتماد مقاربة نقديّة للاحتفالات العسكرية والنصب التذكارية.
* الإقرار بحقيقة أن الحرب تضر بالبيئة؛ ودعم عمليات إزالة الألغام وإعادة الاعمار بعد الحرب، بما في ذلك إصلاح البيئة في أوكرانيا ودول أخرى دمرتها الحرب.
• معارضة العنصرية والتمييز على أساس الجنس، وكُره النساء وغيرها من الأحكام المسبقة لها صلة بالحرب أو تفاقمت بسببها. ومعارضة انتهاكات حقوق النساء الإنجابية أو الضغوط الممارسة عليهن لإنجاب أطفال كوقود حرب. ودعم المساواة في الحقوق في الجيش.
• الإقرار بكلفة الحرب البشرية ودعم قدماء المحاربين/ ت والجرحى أو المعوقين في الحرب. والإقرار بوضع اللاجئين وغيرهم من النازحين بسبب الحرب. والإقرار بوضع الأشخاص الذين عاشوا أوضاع الحرب.
• تفضيل المفاوضات كلما أمكن استخدامها لتجنب الحرب والتوصل إلى تسويات عادلة.
• دعم المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية طالما يمكنها المساهمة في التفاوض على تسويات عادلة.
• معارضة التسويات السلمية غير العادلة والاستعمار وضم الأراضي.
• دعم المساواة في الحقوق بين الأمم والبلدان، دون ضغط على الأمم الصغيرة للتخلي عن استقلالها أو قبول معاملتها كفناء خلفي لدولة أخرى.
• الإقرار بإمكان حدوث حروب عادلة.
• دعم حقوق تقرير المصير والدفاع المشروع.
المطالب التي نوجهها إلى الحكومات الوطنية، بوجه خاص في بلداننا الأصلية، هي التالية:
• الاعتراف بحقوق المعارضين بدافع الضمير، ودعم إنشاء أشكال خدمة مدنية بديلة لهم.
• تأميم صناعة الأسلحة.
• فرض ضريبة تصاعدية على الشركات والأثرياء لتمويل النفقات العسكرية. ورفض حجة الحكومات مؤداها أن التخفيضات في النفقات الاجتماعية ضرورية لتمويل الحروب. والدفاع عن الخدمات الاجتماعية في زمن الحرب كما في زمن السلم.
• عدم تخصيص موارد لمشاريع عسكرية فخمة تستهدف تعزيز رأس المال بدلاً من تحقيق أهداف ملموسة.
• الرقابة الديمقراطية على النفقات العسكرية.
• حق أفراد القوات المسلحة في تشكيل نقابات والانضمام إليها.
• دعم قدامى المحاربين والمدنيين الجرحى إبان الحروب، بما في ذلك الرعاية الصحية العقلية والبدنية والتعليم والتوظيف والسكن والحفاظ على الدخل. رعاية اللاجئين/ آت وغيرهم من الأشخاص النازحين بسبب الحروب.
• الدعم العسكري لنضالات التحرر الوطني ونضالات تقرير المصير. يجب تقديم هذا الدعم دون قيود سياسية من شأنها تقويض النضال من أجل التحرر. وإذا كان من الممكن أن يكون لا مشروطا، فهذا لا يعني تجنب النقد.
• نزع السلاح النووي وحظر الأسلحة البيولوجية والكيميائية. يجب تقدير الدول التي تتخلى عن الأسلحة النووية، فضلا عن التدابير الرامية لضمان عدم تواجدها في وضع غير مؤات.
المطالب التي نرى أنها تستدعي تنسيقاً دولياً معيناً لتلبيتها، قد تكون من جراء معاهدات دولية، هي التالية:
• دعم ”قوانين الحرب“ من حيث معارضة جرائم الحرب وتمديد الحروب دون جدوى. ويشمل ذلك الاتفاقيات الرامية لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية والبيئة في زمن الحرب، بالإضافة الى الاتفاقيات المرتبطة بحقوق أسرى الحرب. دعم المحاكم المكلفة بالبت في جرائم الحرب، ومحاكم العدل الدولية، شريطة أن تسري على جميع البلدان.
• دعم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تعزز التنمية السلمية وتقضي على بعض أسباب الحرب على الأقل.
15 أغسطس 2025
ليز لورانس رئيسة سابقة لنقابة اتحاد الجامعات والكليات، النقابة البريطانية الرئيسية للعاملين في مجال التعليم العالي، تضم أكثر من 120 ألف عضو.وهي إحدى منظمات أعضاء اتحاد الجامعات والكليات من أجل أوكرانيا.
أندي كيلميستر مندوب نقابة اتحاد الجامعات والكليات بجامعة أكسفورد بروكس لدى مجلس التجارة في أكسفورد والمنطقة وعضو ضمن أعضاء اتحاد الجامعات والكليات من أجل أوكرانيا وكذلك في مجموعة المعلومات عن أوكرانياUkraine Information Group.
المصدر:Labour Hub