مجلة وموقع تحت مسؤولية المكتب التنفيذي للأممية الرابعة.

الهزات الأولى

بقلم مايكل لوفي

هذا الكتاب تقرير/شهادة جماعية مثير للإعجاب يتناول بالتحليل الحركة الاجتماعية-البيئية انتفاضات الأرضSoulèvements de la Terre. هذه الاتحاد الذي يضم حركات شبابية بيئية – مثل Extinction Rebellion أو Youth For Climate – ، وجمعيات فلاحين، ومجموعات مستقلة، وجماعات محلية. تأسس في العام 2021، اختار العمل الجماهيري المباشر، ونظم تعبئة بهرت الرأي العام وأثارت غضب الحكومة (ووزير الداخلية آنذاك، جيرالد دارمانين)، التي حاولت سدى حلها.

تشير مذكرة من المخابرات العامة إلى الابتكار والقدرة على التعبئة وقوة التأثير التي تحظى بها انتفاضات الأرض. بعد محاولة حلها الفاشلة، وقع 160 ألف شخص على منشور الانضمام إلى انتفاضات الأرض وتشكلت 150 لجنة محلية في غضون بضعة أشهر.

كُتبت فصول الكتاب، الذي كان من المحتمل أن يُحظر ويُحرق حسب مؤلفيه، من قبل مختلف قادة الحركة، استنادًا إلى مناقشات وتأملات جماعية. يشرح المؤلفون أن حركة انتفاضات الأرض راهنت على إيكولوجيا واقعية، متجذرة في النضالات المحلية والإقليمية، ما أحيى حدسا سياسيا قديما، من الديغرز Diggers الإنجليز في القرن السابع عشر إلى حركةمعدومي الأرض MST في البرازيل، ومن ثورات الفلاحين في العصور الوسطى إلى حركة زاباتيستا في تشياباس. العدو واضح، إنه الرأسمالية، نظام قائم على نزع الملكية والتراكم، والاستيلاء على الأراضي والثروات، دافع بنا بسرعة نحو الكارثة.

انطلاقا من رفض إيكولوجيا المواعظ وذم الجماهير، وكذلك اقتراح الحكومة ”التكيف“ مع ارتفاع درجة الحرارة بأربع درجات مئوية، تناضل الحركة بطريقة عرقلة المشاريع التي تعتبرها ضارة، و”نزع سلاح“ المواقع الصناعية الملوثة، واحتلال الأراضي المهددة. إنها أكثر من مجرد تكتيك، ولكنها أقل من إستراتيجية؛ على أي حال، تفيد هذه الإجراءات المباشرة في نزع القدسية عن الملكية، وتفكيك الصور النمطية عن الحداثة و”التقدم“ الصناعي الرأسمالي. إنها تستجيب لشعور بالاستعجال: يجب أن نكافح قبل فوات الأوان. وفقاً للدعوة الأولية لـ ”انتفاضات الأرض“، ”لأن كل شيء يحملنا على الاعتقاد بأن الأوان سيفوت بلا عودة، فقد قررنا أن نتحرك معاً“.

كانت أكثر أعمال الحركة إثارة، كما هو معروف، التعبئة في سانت سولين ضد الأحواض المائية الضخمة، التي جمعت عشرات الآلاف من المشاركين. أظهر القمع البوليسي العنيف، مرة أخرى، أن «الدولة هي في المقام الأول، خلف الواجهة الديمقراطية، الوحش البارد الذي يقتل دفاعا عن مصالح أقلية». ورغم فشلها، نجحت المبادرة في تحريك الخطوط السياسية.

يرى قادة الحركة أن «الوضع خطير للغاية بحيث لا نحتاج إلى تبرير راديكاليتنا». ورفضوا أيديولوجية «العصيان المدني غير العنيف» شكلا وحيدا للعمل المشروع، ودعوا إلى تكامل مختلف التكتيكات لخدمة الأهداف الإستراتيجية المشتركة. بالتأكيد، الصراع مع الدولة مواجهة غير متكافئة، ضرب من داود ضد جالوت: يجب إتقان فن الكفاح «من الضعيف إلى القوي». تستلزم التعبئة تنظيم التضافر، و«التركيب»، والجمع بين البروليتاريا والشباب والنساء والعاطلين عن العمل والسترات الصفراء، في محاولة لتجاوز الهويات السياسية الجامدة.

يقر المؤلفون بأنه لا يمكن الاكتفاء بالعصيانات الفردية، ولا حتى بالتجريب الجماعي: يجب كسر القيود، ومحاولة إيقاف الآلة، وفتح آفاق الخروج من اقتصاد السوق. بيد أنهم، إذ يرفضون ما يسمونه «اللينينية الخضراء» لأندرياس مالم Andreas Malm أو فريدريك لوردون Frederic Lordon ، لا يقبلون فكرة الاستيلاء على سلطة الدولة، باعتبارها مصدراً «لعنف بيروقراطي». ولكن هل يمكن القيام بثورة دون الاستيلاء على السلطة؟ هنا افتقار إلى فرضية سلطة سياسية ثورية وديمقراطية، غير دولانية، كما كانت كومونة باريس! يدعو المؤلفون إلى «سلطات مضادة مستقلة»، لكنهم يعترفون بأن إكثار المناطق المحمية محلياً (ZAD) ليست إستراتيجية.

تسعى إلى الإفلات من أن يستوعبها المجال السياسي التقليدي، ومن أن يبعهدا إلى هامشه، لكنها لا تزال تبحث عن إستراتيجية: يقر المتحدثون باسمها أن آفاقها السياسية فرضيات هشة وغير مكتملة.

ومع ذلك، تمثل تجربة انتفاضات الأرض التعبير الأكثر نجاحًا والأهم، منذ تمرد السترات الصفراء، عن تضافر النضالات الاجتماعية والبيئية والمناهضة للرأسمالية.

27 أبريل 2025

Les Soulèvements de la Terre

Paris,La fabrique éditions, 2024,289 pages, 15 euros 

المؤلف - Auteur·es