
قام الرئيس دونالد الأسبوع الماضي بزيادة لثلاثة من ملكيات الخليج الفارسي ، حيث حظي بالإطراء، وأشاد بالأنظمة الإقطاعية، وأبرم صفقات، وقبل رشاوى، مع إجراء تغيير كبير في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وسط قصور ومساجد باهرة، محاطين بخيول عربية، وأمام رقصات السيف، تبادل ترامب والملوك الثناء.
لم تُذكر قط مسؤولية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن جريمة القتل البشعة للصحفي جمال أحمد حمزة خاشقجي، في زيارته للقنصلية السعودية في اسطنبول، كما أفادت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) سابقًا. كما لم يتم التطرق إلى الحكومات المستبدة وإلى انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة. بالعكس، أشاد ترامب بمحمد بن سلمان لقيادته السعودية إلى العصر الحديث. ورفض ترامب انتقادات الحكومة الأمريكية السابقة للملكيات قائلاً: ”الحكم من شأن الله، ووظيفتي هي الدفاع عن أمريكا وتعزيز المصالح الأساسية للمدنية والازدهار والسلام“.
ركزت زيارة ترامب على الصفقات لصالح الشركات الأمريكية. وادعى ترامب أنه أبرم صفقات بقيمة 2 تريليون دولار لبيع طائرات بوينغ ومحركات جنرال إلكتريك. كما وقع اتفاقية لجعل الإمارات أكبر منشأة للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة. وادعى أيضاً أن الملكيات الخليجية ستستثمر تريليونات الدولارات في أمريكا. وبالطبع، هذا تحالف بين قوى النفط. فقد تبنى أمير قطر شعار ترامب ”احفروا يا شباب، احفروا“. تستضيف الملكيات منذ عقود قواعد عسكرية أمريكية وآلاف الجنود الأمريكيين الذين يجعلون الولايات المتحدة القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة.
صفقات عائلة ترامب
كان فساد ترامب واستعداده لقبول الرشاوى واضحًا للعيان. أهدت قطر ترامب طائرة فاخرة من طراز بوينج 747-8 بقيمة 400 مليون دولار لتحل محل طائرة الرئاسة الحالية. أو ربما كانت هدية لوزارة الدفاع الأمريكية؟ على أي حال، قال ترامب إنه سيقبلها ويضعها في مكتبة الرئاسة بعد انتهاء ولايته. ويقول النقاد إنها رشوة تنتهك بند المكافآت في الدستور الذي ينص على عدم جواز قبول الرئيس هدايا من حكومات أجنبية. وافقت الإمارات العربية المتحدة على صفقة عملة مشفرة بقيمة 2 مليار دولار مع شركة World Liberty Financial، المملوكة لأبناء ترامب دونالد جونيور وإريك.
ورغم تجنب الحديث عن هذا الموضوع، عززت زيارة ترامب استثمارات عائلته العديدة الأخرى في المنطقة: برج سكني في الرياض، وبرج ترامب المكون من 47 طابقًا في جدة، وفندق وبرج ترامب الدولي في دبي، وملعب ترامب الدولي للجولف في الدوحة، وفندق وجولف ترامب الدولي في عمان.
السياسة الخارجية
لكن ، لم يقتصر السفر على رشاوى وصفقات تجارية. فقد استغل ترامب المناسبة لإجراء تحول جذري في السياسة الخارجية الأمريكية. أولاً، من الجدير بالذكر أنه لم يزر إسرائيل، ولم يلتق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولم يكيف قراراته لإرضائه. أعلن ترامب رفع العقوبات عن سوريا، والتقى بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، العضو السابق في تنظيم القاعدة، وكان مطلوبًا بمبلغ 10 ملايين دولار حتى ديسمبر. لكن نتنياهو يخشى أن تصبح سوريا دولة معادية، و شن أكثر من 600 هجوم على سوريا منذ إطاحة الأسد في ديسمبر 2024.
كما أعلن ترامب أن الولايات المتحدة وإيران قد اتفقتا ”بنحو ما“ على اتفاق نووي، ما قد يؤدي إلى تطبيع العلاقات. هنا أيضاً. لن يكون نتنياهو سعيداً بهذا التطور، لأنه يأمل أن تنضم الولايات المتحدة إلى إسرائيل في قصف إيران.
وبينما واصلت إسرائيل قصفها لغزة ومضت قدماً في خططها لغزو واحتلال جديدين، أشار ترامب بشكل عابر أمام مضيفيه ووسائل الإعلام إلى المجاعة في غزة التي تنكرها إسرائيل.
تصرفات ترامب غير قابلة للتوقع ، لذا تصعب معرفة ما سيحدث في النهاية، ولكن في الوقت الحالي يبدو أن الرئيس الأمريكي مراهنا على ملكيات الخليج، وليس على إسرائيل.
18 مايو 2025