مجلة وموقع تحت مسؤولية المكتب التنفيذي للأممية الرابعة.

العمل من أجل الانتقال من الفوضى إلى الأمل

أنطوان لاراش بقلم

شهد العالم في الأسابيع القليلة الماضية اضطرابات مذهلة. في الوقت الراهن، يرجنا هذا في جميع الاتجاهات، لكن قد يكون تدخل المستغلين والمضطهدين مقبلا. 

مُني الديمقراطيون في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني، بهزيمة ساحقة على يد ترامب، نتيجة عجزهم عن أن يكونوا ولو بأدنى قدر صوت الطبقات الشعبية. وفي 3 ديسمبر/كانون الأول، حاول رئيس كوريا الجنوبية يون الذي أضعفته النتيجة غير المواتية للغاية لانتخابات أبريل/نيسان، القيام بانقلاب، ولكن أفشلته تعبئة مليون شخص ومحاولات إضراب عام. وفي 8 ديسمبر/كانون الاول، انهارت سلطة بشار الأسد ذات الطابع الأبدي المزعوم تحت ضربات تمرد دام عشرة أيام. وفي 13 ديسمبر، سقطت حكومة ميشيل بارنييه الفرنسية بموجب ملتمس رقابة في الجمعية الوطنية بعد استعمال الوزير الأول المادة 49.3 من الدستور لمحاولة تمرير ميزانية فشلت في الحصول على أغلبية برلمانية. وفي 16 ديسمبر، خسر المستشار الألماني أولاف شولتز تصويت نوابه على الثقة بهامش واضح بلغ 394 نائبًا ضد الثقة و207 نواب مؤيدين و116 نائبًا ممتنعين عن التصويت، ما سيؤدي إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في فبراير المقبل.

الفوضى الرأسمالية

ستكون الصورة غير مكتملة إذا استثنينا من جهة آلاف الوفيات التي تسببت بها الفيضانات في إسبانيا في نهاية أكتوبر/تشرين الأول والموت والدمار الناتجين عن إعصار تشيدو في جزيرة مايوت، ومن جهة أخرى مئات الآف قتلى حرب روسيا في أوكرانيا والإبادة الجماعية المستمرة في فلسطين في صراع امتد إلى لبنان منذ عدة أسابيع. وثمة أخيرًا، أثر تسريح العمال وإغلاق المصانع، خاصة في صناعة السيارات الأوروبية، وهو نتاج أزمة فيض إنتاج وتراجع أوروبا في تنافس الامبرياليات العالمي.

ينجمعن هذا كله انطباع فوضى، ويصعب أحيانًا استخلاص تقييمات إيجابية من نضالاتنا، بالنظر إلى هزائم التعبئة بشأن معاشات التقاعد، والصعوبات بوجه حركة التضامن مع فلسطين، وحقيقة أن فشل المستبدين في كوريا وسوريا لا ينتج بديلا اشتراكيا، وحقيقة أن اليمين المتطرف في وضع هجوم في الدول الغربية.

إحياء الأمل

ولكن عند تبصر دقيق، تبرز عناصر إيجابية: فسقوط النظام السوري ناتج عن عجز روسيا على شن الحرب في أوكرانيا ودعم الأسد في آن واحد. وجلي أن انتكاسات بارنييه ويون ناجمة عما يواجه الرأسماليون من صعوبات في الحفاظ على هيمنتهم في سياق أزمة النظام. ولكن حذار: طالما ليست الحركة العمالية في الموعد، تتقدم القوى الرجعية.

من المحتمل جدا أن تتعمق الأزمة الجارية في الأشهر القادمة، بجميع أبعادها: أزمة بيئية، وحروب، وأزمة اقتصادية واجتماعية، وأزمات سياسية...سيكون اليسار على المحك: هل سيكون قادرًا على تنظيم غضب الطبقات الشعبية وتنظيم هجمات مضادة، أم سيكتفي بانتقاد القوى السياسية البرجوازية والتقدم بملتمسات؟ عندها سيهلك في مواجهة القوى المضادة، قوى اليمين المتطرف. لقد توقع تروتسكي من انتخابات فرنسا عام 1934: "أن التحولات التي حدثت ليست بحد ذاتها مهمة بالنسبة لنا ، وإنما بما هي أعراض للتغيرات التي تحدث في وعي الجماهير. إنها تُبرز أن الوسط البرجوازي الصغير قد بدأ بالفعل في الذوبان لصالح الطرفين الأقصيين. وهذا يعني أن ما تبقى من النظام البرلماني سوف يتآكل أكثر فأكثر: سيتعاظم الطرفان الأقصيين و تقترب الصدامات بينهما. ولا يصعب إدراك أن هذا الأمر سيرورة حتمية". ليس ثمة شك في أن الديناميات متشابهة في معظم أنحاء العالم، وأن شعار ”الاشتراكية الإيكولوجية أو الهمجية“ يغدو فارضا نفسه أكثر مع كل شهر.

كما ستمتحن السنوات القليلة القادمة الثوريين في مدى قدرتهم على جعل أنفسهم مفيدين في بناء التمردات الجماهيرية والنضال من أجل وحدتهم وطرح مسألة السلطة.

Inprecor a besoin de vous !

Notre revue est en déficit. Pour boucler notre budget en 2024, nous avons besoin de 100 abonnements supplémentaires.

Abonnement de soutien
79 €

France, Europe, Afrique
55 €

Toutes destinations
71 €

- de 25 ans et chômeurs
6 mois / 20 €